للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زعماء العشائر١، والرجل البارز بينهم هو الأشتر، إذا إننا نراه في الصورة إلى الجانب عثمان ينصحه بالتنازل عن منصبه أو محاولًا قتله، لكن دون أن يتمكن من حسن الأمر، إنه الكوفي الوحيد الذي يشعر القارئ بحضوره وفاعليته٢، أما عمرو بن الحمق الخزاعي، فقد تردد اسمه أكثر من مرة، وهو أحد المشتركين القلائل في القتل، وتعزى إليه أعمال رهيبة في أثناء دفن عثمان المأساوي والسري٣.

وخرجت الجماعة الثالثة من البصرة، وقد بلغ عدد أفرادها مائة وخمسين مقاتلًا بقيادة حرقوص بن زهير السعدي، وفي عدادهم عدد من صغار زعماء العشائر أمثال حكيم بن جبلة العبدي، وذريح بن عباد العبدي، وبشر بن شريح الخطم بن ضبيعة القيسي وغيرهم٤، ويسرتعي كل من حرقوص وحكيم الانتباه، فهما أشد مهاجمي البصرة.

انتسبت الأكثرية المطلقة لزعماء الثائرين إلى فئة الزعمات القبلية التقليدية التي لم تؤد دورًا مميزًا في تاريخ الإسلام، لكنها كانت جميعًا من أهل الأيام والقادسية، إذ عندما حاصر الثائرون عثمان، كتب إلى أهل الأمصار يستمدهم ليرسلوا له النجدات على وجه السرعة لمواجهتهم، ويوضح تشخيصه لهوية الثائرين ومحاصريه، أنهم أعراب وقبائل مع مقارنتهم بالأعراب الذين حاصروا المدينة في غزوة الخندق، أو الأحزاب٥، "فهم كالأحزاب أيام الأحزاب، أو من غزانا بأحد إلا ما يظهرون٦؛ رؤيته لهذه الحركة التي تمثل تمرد الأعراب، والقبائل عليه، وتغذي المعارضة ضده في الأمصار، إنها إذن حركة الأعراب أي حركة القبائل٧.

ويبدو أن المصادر التي أمدتنا بأرقام جماعات الأمصار التي توجهت إلى المدينة، وأسماء الشخصيات التي قادتها ورافقتها؛ هدفت إلى التأكيد أن حركة الاحتجاج ضد الخليفة، إنما هي حركة شعبية شاملة شاركت فيها مختلف الأمصار من أجل وضع حد لتجاوزات السلطة المركزية، ويلاحظ أن المصادر المختلفة اعتمدت على رواة


١ يذكر الطبري: من خلال رواية سيف بن عمر، أن عددهم كعدد من خرج من أهل مصر، ج٤ ص٣٤٩، وقارن بالبلاذري ج٦ ص١٧٤.
٢ الطبري: المصدر نفسه ص٣٧١، ٣٧٢.
٣ المصدر نفسه: ص٣٩٣، جعيط: ص١١٠، ١١١.
٤ البلاذري: ج٦ ص١٧٤، الطبري: ج٤ ص٣٤٩، الذي يذكر، من خلال رواية سيف بن عمر أن عددهم كعدد من خرج من أهل مصر.
٥ حدثت غزوة الخندق في عام ٥هـ.
٦ الطبري: المصدر نفسه: ص٣٥١، ٣٥٢.
٧ إبراهيم: ص٢٥٥.

<<  <   >  >>