للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القتل، الأمر الذي يفسر اتهاماته المتدرجة له من التجريم المباشر إلى مجرد طلب تسليم الجناة١، وحاول استقطاب المؤيدون لفكرته، فكتب إلى عبد الله بن عمر بدعوه إلى مساندته، "فأعنا يرحمك الله على حق هذا الخليفة المظلوم، فإني لست أريد الإمارة عليك، ولكني أريدها لك، فإن أبيت كانت شورى بين المسلمين٢، كما كتب إلى سعد بن أبي وقاص، ودعاه إلى نصرته في معاقبة قتلة عثمان، "فإنا نردها شورى بين المسلمين"٣، وأكد خلال اتصالاته مع علي على رؤيته لحل النزاع "اعتزل أمر الناس، فيكون أمرهم شورى بينهم، يولي الناس أمرهم من أجمع عليه رأيهم"٤.

وفي المقابل، دافع علي عنه رأيه، فرأى أنه يمسك بزمام السلطة الشرعية، وقد جرى انتخابه في المدينة مركز منح السلطة، بالأغلبية الساحقة من المسلمين وبخاصة المهاجرين، والأنصار الذين بايعوا الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه، كما أن الشورى هي لهم، فإذا "اجتمعوا على رجل فسموه إمامًا كان ذلك لله رضى، فإن خرج منهم خارج ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين"٥، وعليه واجب توحيد كلمة المسلمين، ولا علاقة لمعاوية بالمطالبة بدم عثمان؛ لأن أبناء القتل أولى منه، وأنه ادعى ما ليس أهله، ونازع هذا الأمر من ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحق"٦، وعده خارجًا. أما المقصاص من قتلة عثمان، فهي قضية ثانوية، ولا يعد نفسه متورطًا في هذا القتل، كما أنه لا يستطيع تسليم قتلته في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها المسلمون٧.

وكرر علي مطالبة معاوية العودة إلى حظيرة الجماعة الإسلامية، والاعتراف به خليفة للمسلمين، ضمن كتاب أرسله إليه في شهر "رمضان ٣٦هـ/ آذار ٦٥٧م"، مع ضمرة بن يزيد، وعمرو بن زرارة النخعي، لكن معاوية لم يبدل رأيه، وكرر تنفيذ شرطيه السابقين٨.


١ جعيط: ص١٩٠.
٢ ابن مزاحم: ص٦٣، ٦٤، ٧٢. ابن قتيبة: ج١ ص٨٤.
٣ ابن قتيبة: المصدر نفسه ص٨٤، ٨٥.
٤ المصدر نفسه: ص٨٥، ٨٦. الطبري: ج٥ ص٧.
٥ ابن مزاحم: ص٢٨-٣٠، ٥٨.
٦ ابن قتيبة: ج١ ص٨٠. الطبري: ج٤ ص٥٧٤.
٧ جعيط: ص١٩٠.
٨ ابن مزاحم: ص٨٠. البلاذري: ج٣ ص٧٨.

<<  <   >  >>