للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصل خالد إلى أراضي بني حنيفة، وبعد أن درس الوضع الميداني وضع خطة عسكرية من شقين:

الأول: إرباك العدو وإضعافه، وتوهين عزائمه، فيما يسمى في عصرنا بالحرب النفسية، وذلك عن طريق الإنذار والتهديد.

الثاني: الاصطدام المسلح به.

ففي ما يتعلق بالشق الأول، فقد حاول استقطاب بعض أشراف بن حنيفة، والطلب منهم التأثير على أتباع مسيلمة، وسلخهم من جيشه، عن طريق الترهيب والترغيب، لكن محاولته فشلت في دق إسفين بين بني حنيفة، ومسيلمة، وعلى الرغم من الجهود التي بذلها١، فقد جاءت نتائجها الإيجابية محدودة جدًا، وظل بنو حنيفة متكتلين حول مسيلمة، وقد نظروا إلى هذا الصراع من زاوية قبلية محضة.

وفي ما يتعلق بالشق الثاني، فقد توغل في أراضي بني حنيفة، وهو على تعبئة، استعدادًا للقاء المرتقب مع مسيلمة، وكان هذا الأخير قد عسكر بعقرباء في طرف اليمامة عندما علم بزحف المسلمين جاعلًا ريف اليمامة، وحصونها وراء ظهره، وعبأ جنوده البالغ عددهم أربعين ألفًا استعدادًا للمواجهة، وعسكر خالد في مواجهته، وتأهب الجمعان لخوض أشرس معركة سمع بها العرب حتى ذلك الحين، يعلق كل طرف مصيره بمصير ذلك اليوم، ولم يبالغ أي منهما في تقدير هذا الأمر، فيوم اليمامة من الأيام الحاسمة في التاريخ المبكر للإسلام، وفي تاريخ العرب.

معركة عقرباء:

ابتدأت المعركة بمبارزات فردية قبل أن يلتحم الجمعان في عدة جولات، وتعرض المسلمون في بداية المعركة لضغط قتالي شديد مما اضطر خالدًا إلى تعديل خطته العسكرية، فأجرى تغيرات جذرية في وضع الجيش من خلال تمييز المقاتلين حسب قبائلهم٢, ويقصد به أن تمتاز كل فرقة عن أختها، أي تفترق عنها وتقاتل منفردة، وقد هدف من وراء هذا التعديل أن:

- يعرف بلاء كل فرقة على حدة.

- يعرف المسلمون من أبلى بلاء حسنًا، ومن صمد منهم في المعركة، ومن ضعف وانهزم.

- إثارة التنافس بين المسلمين للقتال حتى أقصى مداه.


١ ابن أعثم: ج١ ص٢٩- ٣١.
٢ الطبري: ج٣ ص٢٩٣.

<<  <   >  >>