للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهور اتجاه معارض للصلح:

لقي صلح خالد -مجاعة، معارضة من الجانبين الإسلامي والحنفي، فقد عارضه فريق من الأنصار بزعامة أسيد بن حضير، وأبي نائلة اللذين تمسكا بوصية أبي بكر إلى خالد عندما أرسله لقتال بني حنيفة: "إن أظفرك الله ببني حنيفة، فلا تبق عليهم"، لذلك، أشارا عليه برفض الصلح، والإجهاز على القوم، لكن خالدًا أبى الانصياع لهذه المشورة، وبخاصة أن المسلمين أنهكتهم الحرب، وأنه أبرم صلحًا مع القوم لا يجوز نقضه، فاقتنع الأنصار، وكتب خالد إلى أبي بكر بالصلح الذي أبرمه، فأجازه١.

وعارض سلمة بن عمير الحنفي، وهو أحد قادة بني حنيفة، الصلح وراح يحرض قومه على القتال، لكنهم رفضوا الاستجابة له، وبخاصة أن القتال كان قد أجهدهم، وتكبدوا خسائر فادحة في الأرواح بحيث لم يبق سوى النساء والأطفال، والشيوخ، والضعفاء من الرجال٢.

عودة بني حنيفة إلى الإسلام:

وحشر بنو حنيفة للبيعة والبراء مما كانوا فيه، وجيء بهم إلى خالد في معسكره، فبايعوا وأعلنوا توبتهم منن الردة، وعودتهم إلى الإسلام، ثم فتحت الحصون وأخرج ما فيها من السلاح، والحلقة والكراع، والذهب والفضة، فقسمه خالد على الجند وعزل الخمس، فأرسله إلى أبي بكر مع وفد من بني حنيفة تدليلًا على توبتهم، فجددوا إسلامهم أمامه٣.

زواج خالد من ابنة مجاعة:

بعد أن اطمأن خالد إلى النصر، وأتم الصلح، وتسلم زمام الأمر؛ طلب من مجاعة أن يزوجه ابنته، فوافئق بعد تردد، وتعرض خالد للنقد من جانب الخليفة، لكنه دافع عن نفسه، وبين وجهة نظره في هذا الزواج٤.

إن قراءة متأنية لكتاب أبي بكر إلى قائده ورد خالد عليه، توضح لنا موقف كل منهما من هذه التطور الحدثي.

ففيما يتعلق بموقئف أبي بكر، فقد عاب على خالد أنه:

- فارغ النفس من الهموم، لا يشغله ما كان حريًا أن يشغل غيره من المسلمين ممن يقف في موقفه.


١ ابن أعثم: ج١ ص٣٨.
٢ الطبري: ج٣ ص٢٩٦.
٣ المصدر نفسه: ص٣٠٠.
٤ انظر نص كتاب الخليفة إلى قائده ورد خالد عليه في المصدر نفسه، ابن أعثم: ج١ ص٣٩، ٤٠.

<<  <   >  >>