للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأرسل إليهم عتاب بن أسيد، عامل أبي بكر على مكة، أخاه فاصطدم بهم في الأبارق وانتصر عليهم، وفر جندب من أرض المعركة"١.

- أظهرت الألمعية القيادية التي اتصف بها خالد، والتي ستتجلى في حروب الفتوح.

القضاء على الردة في البحرين:

استمرت الردة مشتعلة في البحرين، وعمان ومهرة واليمن، وحضرموت وكندة، وهي ممالك تقع كلها على شاطء الخليجين العربي، والعماني والبحر الأحمر، وهي بعيدة عن الحجاز، وشمالي الجزيرة العربية، وتفصلها عنها صحراء الربع الخالي، وبحكم موقعها الجغرافي، كان لفارس عليها سلطان ونفوذ، وهو أكثر وضوحًا في البحرين وعمان، وقد استوطنتهما جاليات فارسية، كانت فارس تمدها بنفوذها، وتدعمها بقواتها في أوقات الشدة، وبحكم واقعها هذا لم يتجذر الإسلام في نفوس سكانها، فكانوا آخر من دان بالإسلام في عصر الرسالة، كما كانوا أول من ارتد بعد وفاة النبي، ثم سيكونون آخر من يعود إلى الإسلام بعد حروف طاحنة تختم حروف الردة.

بدأ المسلمون بالبحرين؛ لأنها تجاور اليمامة، وقد استوطنتها بنو بكر بن وائل، وبنو عبد القيس من ربيعة، وأقامت جماعة من التجار الهنود، والفرس في الثغور من مصب الفرات إلى عدن، كان ملك هذه الأنحاء، المنذر بن ساوى العبدي زعيم عبد القيس، وكان نصرانيًا، لكنه اعتنق الإسلام حين دعاه العلاء بن الحضرمي مبعوث النبي إلى البحرني في السنة التاسعة للهجرة، واقتدى قومه به. وتوفي المنذر في السنة التي توفي فيها النبي، فارتد بنو بكر بزعامة الحطم بن ضبيعة، وملكوا عليهم المنذر بن النعمان بن المنذر بن سويد، وكان يسمى الغرور، وهو من سلالة المناذرة الذين حكموا الحيرة يومًا، واستمر بنو عبد القيس على إسلامهم توجيه من زعيمهم الجارود بن المعلى، وحاصر المرتدون بني عبد القيس في جواثا٢، فأرسل إليهم أبو بكر قوة عسكرية بقيادة العلاء بن الحضرمي، وعسكر الطرفان في مواجهة بعضهما، وخندقا على أنفسهما، ثم جرى اشتباك بينهما أدى إلى انتصار المسلمين، وقتل الحطم في المعركة وأسر الغرور، وفر من نجا إلى جزيرة دارين٣ واعتصموا


١ الطبري: ج٣ ص٣١٨- ٣٢٠.
٢ جواثا: حصن لعبد القيس بالبحرين، الحموي: ج٢ ص١٧٤، ١٧٥.
٣ دارين: فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك من الهند، المصدر نفسه: ص٤٣٢.

<<  <   >  >>