التي تعد قاعدة الفتوح، فإذا كانت هذه القاعدة مضطربة، فكيف يمكن للفتوح أن تبدأ وتنجح وتستمر، وقد أناحت حروب الردة تحقيق هذه الوحدة، وتعبئة كل طاقات العرب، وحشدها للأعمال العسكرية التي تلت.
- هناك صلة بين حركة الردة والفتوح، ذلك أن حجم واتساع حروب الردة كانت أول تدريب عسكري عملاني على الأرض لكافة العرب المسلمين في الجزيرة العربية، على مستوى الجيوش الكبيرة، ابتداء من الحشد، والتعبئة العامة إلى التحركات والسير والالتحام، إلى أعمال الدوريات، والحصار والجاسوسية والتدابير اللوجستية، ويذكر أن الحروب بين العرب في الجاهلية، وحتى عصر الرسالة كانت على مستويات أقل، فكانت حروب الردة أول حرب أشعلت كل الجزيرة العربية، واشترك في معاركها عشرات الآلاف من المقاتلين، وعليه يمكن وصف هذه الحروب بمثابة جسر عبر المسلمون العرب عليه إلى خارج الجزيرة العربية بهدف الفتح.
- كانت حروب الردة فرصة موآتية لبروز قيادات عسكرية اكتسبت خبرة في القتال، وتدرجت من قيادة عمليات صغيرة محدودة الإمكانات إلى قيادة عمليات على نطاق أوسع، نذكر من بين هذه القيادات: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وسعد بن أبي وقاص، والقعقاع بن عمرو، وأخاه عاصمًا وجرير بن عبد الله، والمثنى بن حارثة الشيباني وعدي بن حاتم، والنعمان بن مقرن وإخوته، وغيرهم كثير.
- كانت حروب الردة مرحلة وسيطة من حيث الحجم بين غزوات النبي، وبين المعارك الكبرى للفتوح التي غيرت مجتمعات فارسية، وبيزنطية مثل اليرموك والقادسية وما بعدهما.
- كانت حروب الردة ذات قيمة فنية لا تقدر، إنها أعطت المسلمين الثقة بالنفس، وبالنظام الذي اختاروه، وبالقدرة على الانتصار، وهي ثقة هامة وضرورية في مواجهة قوى كبرى تتمتع بقدرات مادية وكثرة عددية، هذا إلى جانب الإيمان بالهدف.