للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحديث الثالث والخمسون: من صفات المسلمين.]

عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ. وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ. أَلَا، لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْد فِي عَهْدِهِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. وَرَوَاهُ ابن ماجه عن ابن عباس١.

هذا الحديث كالتفصيل لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:١٠] , وقوله صلّى الله عليه وسلم: "وكونوا عباد الله إخوانا"٢.

فعلى المؤمنين: أن يكونوا متحابين، متصافين غير متباغضين ولا متعادين. يسعون جميعاً لمصالحهم الكلية التي بها قوام دينهم ودنياهم، لا يتكبر شريف على وضيع، ولا يحتقر أحد منهم أحداً. فدماؤهم تتكافأ؛ فإنه لا يشترط في القصاص إلا المكافأة في الدين. فلا يقتل المسلم بالكافر، كما في هذا الحديث، والمكافأة في الحرية، فلا يقتل الحر بالعبد.

وأما بقية الأوصاف، فالمسلمون كلهم على حد سواء. فمن قتل أو قطع طرفاً متعمداً عدواناً، فلهم أن يقتصوا منه بشرط المماثلة في العضو، لا فرق بين الصغير بالكبير، وبالعكس، والذكر والأنثى وبالعكس، والعالم بالجاهل، والشريف بالوضيع، والكامل بالناقص كالعكس في هذه الأمور.

قوله صلّى الله عليه وسلم: "ويسعى بذمتهم أدناهم" يعني: أن ذمة المسلمين واحدة. فمتى استجار الكافر


(١) صحيح, الحديث أصله في "صحيح البخاري" رقم: ١٨٧٠, ٣١٧٢, ٦٧٥٥, ٧٣٠٠, وأخرجه أبو داود ٤٥٣٠, والنسائي ٨/١٩, والبيهقي ٨/٢٩, وأحمد ١/١٢٢, ١٤٢, ١٤٨, والقاسم بن سلام في "الأموال" ١٧٩, ٢٠٩, وأبو يعلى ١/٢٨٢, رقم: ٣٣٨, ٤٦٢, رقم: ٦٢٨.
أمّا حديث ابن عباس فقد رواه ابن ماجه ٢٦٦٠, ٢٦٨٣, وإسناده ضعيف فيه حنش وهو الحسين بن قيس, وله شواهد من حديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ, وانظر: "إرواء الغليل" ٢٢٠٨, "غوث المكدود" ٧٧٠.

(٢) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ٦٠٦٤, ٦٠٦٥, ومسلم في "صحيحه" رقم: ٢٥٥٩.

<<  <   >  >>