للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث الثالث والعشرون: سؤر الهرّة.

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْهِرَّةِ: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ" رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَهْلُ السنن الأربع١.

هذا الحديث محتوٍ على أصلين:

أحدهما: أن المشقة تجلب التيسير. وذلك أصل كبير من أصول الشريعة، من جملته: أن هذه الأشياء التي يشق التحرز منها طاهرة، لا يجب غسل ما باشرت بفيها أو يدها أو رجلها، لأنه علل ذلك بقوله: "إنها من الطوافين عليكم والطوافات" كما أباح الاستجمار في محل الخارج من السبيلين، ومسح ما أصابته النجاسة من النعلين والخفين، وأسفل الثوب، وعفا عن يسير طين الشوارع النجس، وأبيح الدم الباقي في اللحم والعروق بعد الدم المسفوح، وأبيح ما أصابه فم الكلب من الصيد، وما أشبه ذلك مما يجمعه علة واحدة، وهي المشقة.

الثاني: أن الهرة وما دونها في الخلقة كالفأرة ونحوها طاهرة في الحياة لا ينجس ما باشرته من طعام وشراب وثياب وغيرها، ولذلك قال أصحابنا: الحيوانات أقسام خمسة:

إحداها: نجس حياً وميتاً في ذاته وأجزائه وفضلاته. وذلك كالكلاب والسباع كلها، والخنزير ونحوها.

الثاني: ما كان طاهراً في الحياة نجساً بعد الممات. وذلك كالهرة وما دونها في الخلقة.


(١) صحيح: أخرجه: مالك ١/٢٢-٢٣ رقم: ١٣, والشافعي في "الأمّ" ١/٢٠, و"المسند" ص٩, وأبو داود رقم: ٧٥, والنسائي في "المجتبى" ١/٥٥, و"السنن الكبرى" رقم: ٧٣, و"الترمذي" رقم: ٩٢, وابن ماجه رقم: ٣٦٧, وأحمد ٥/٣٠٣, ٣٠٩, وعبد الرزاق في "المصنّف" ١/١٠١, رقم: ٣٥٣, وأبو عبيد في "الطهور" رقم: ٢٠٦, والبيهقي في "السنن" ١/٢٤٥, و"الصغرى" ١/٥٨-٥٩ رقم: ١٤٤, و"المعرفة" ٢/٦٧ رقم: ١٧٧٠, و"الخلافيّات" ٣/٨٧-٨٨ رقم: ٩١٠, وانظر تعليق شيخنا مشهور -حفظه الله- عليه.

<<  <   >  >>