للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحديث السادس: صفة المسلم]

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُسلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ١. وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ: "وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أمِنَه النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ"٢ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ: "وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طاعة الله"٣.

ذكر في هذا الحديث كمال هذه الأسماء الجليلة، التي رتب الله ورسوله عليها سعادة الدنيا والآخرة. وهي الإسلام والإيمان، والهجرة والجهاد. وذكر حدودها بكلام جامع شامل، وأن الْمُسلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ.

وذلك أن الإسلام الحقيقي: هو الاستلام لله، وتكميل عبوديته والقيام بحقوقه، وحقوق المسلمين. ولا يتم الإسلام حتى يحب للمسلمين ما يحب لنفسه. ولا يتحقق ذلك إلا بسلامتهم من شر لسانه وشر يده. فإن هذا أصل هذا الفرض الذي عليه للمسلمين. فمن لم يسلم المسلمون من لسانه أو يده كيف يكون قائماً بالفرض الذي عليه لإخوانه المسلمين؟ فسلامتهم من شره القولي والفعلي عنوان على كمال إسلامه.

وفسر المؤمن بأنه الذي يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم؛ فإن الإيمان إذا دار في القلب وامتلأ به، أوجب لصاحبه القيام بحقوق الإيمان التي من أهمها: رعاية الأمانات، والصدق في


(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ١٠٠, ومسلم في " صحيحه" رقم: ٤٠ بعد ٦٤. وقد فصّلت في تخريجه في "روح العارفين" للخليفة الناصر رقم: ٢١ فانظره هناك.
(٢) أخرجه: الترمذي ٢٦٢٧, والنسائي في "المجتبى" ٨/١٠٤, وأحمد في "مسنده" ٢/٣٧٩, وابن حبّان في "صحيحه" رقم: ١٨٠- الإحسان, والحاكم في "المستدرك" ١/١٠ وصحّحه شيخنا الألباني -رحمه الله- في صحيح الترمذي- رقم: ٢١١٨ من حديث أبي هريرة. وانظر: "الصحيحه" رقم: ٥٤٩.

(٣) أخرجه: البيهقي في "الشعب" رقم: ١١١٢٣, وأحمد ٦/٢١, وصحّحه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" رقم: ٥٤٩.

<<  <   >  >>