قوله صلّى الله عليه وسلم:"ما أنهر الدم ... إلى آخره" كلام جامع يدخل فيه جميع ما يُنْهِر الدم - أي: يسفِكه - من حديد، أو نحاس، أو صفر، أو قصب، أو خشب، أو حطب، أو حصى محدد، أو غيرها، وما له نفوذ كالرصاص في البارود؛ لأنه ينهر بنفوذه، لا بثقله.
ودخل في ذلك: ما صيد بالسهام، والكلام المعلمة، والطيور إذا ذكر اسم الله على جميع ذلك.
وأما محل الذبح: فإنه الحلقوم والمريء. إذا قطعهما كفى. فإن حصل معهما قطع الودَجَين - وهما العرقان المكتنفان الحلقوم - كان أولى.
وأما الصيد: فيكفي جرحه في أي موضع كان من بدنه؛ للحاجة إلى ذلك.
ومثل ذلك إذا ندَّ البعير أو البقرة أو الشاة وعجز عن إدراكه: فإنه يكون بمنزلة الصيد، كما في الحديث. ففي أي محل من بدنه جُرح كفى، كما أن الصيد إذا قُدر عليه - وهو حي - فلا بد من ذكاته.
فالحكم يدور مع علته، المعجوز عنه بمنزلة الصيد، ولو من الحيوانات الإنسية. والمقدور عليه لا بد من ذبحه، ولو من الحيوانات الوحشية.
واستثنى النبي صلّى الله عليه وسلم من ذلك السن، وعلله بأنه عظم. فدلّ على أن جميع العظام - وإن أنهرت الدم - لا يحل الذبح بها.
(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ٥٥٠٩, ومسلم في "صحيحه" رقم: ١٩٦٨ بعد ٢٠.