للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتأكد ذلك مع الشفاعة.

وفيه أيضاً: رحمة النبي صلّى الله عليه وسلم في حصول الخير لأمته بكل طريق. وهذا فرد من آلاف مؤلفة تدل على كمال رحمته ورأفته صلّى الله عليه وسلم، فإن جميع الخير والمنافع العامة والخاصة لم تنلها الأمة إلى على يده وبوساطته وتعليمه وإرشاده، كما أنه أرشدهم لدفع الشرور والأضرار العامة والخاصة بكل طريق. فلقد [بلَّغ الرسالة] ١ وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة صلوات الله وسلامه وبركته عليه وعلى آله وصحبه.

قوله: "ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء" قضاؤه تعالى نوعان: قضاء قدري، يشمل الخير والشر والطاعات والمعاصي، بل يشمل جميع ما كان وما يكون، وجميع الحوادث السابقة واللاحقة. وأخصّ منه القضاء القدري الديني الذي يختص بما يحبه الله ويرضاه، وهذا الذي يقضي على لسان نبيه من القسم الثاني؛ إذ هو صلّى الله عليه وسلم عبد رسول، قد وفَّى مقام العبودية، وكمل مراتب الرسالة، فكل أقواله وأفعاله وهديه وأخلاقه عبودية لله متعلقة بمحبوبات الله تعالى. ولم يكن في حقه صلّى الله عليه وسلم شيء مباح محض لا ثواب فيه ولا أجر فضلاً عما ليس بمأمور. وهذا شأن العبد الرسول الذي اختار صلّى الله عليه وسلم هذه المرتبة التي هي أعلى المراتب حين خير بين أن يكون رسولاً ملكاً، أو عبداً رسولاً٢.


(١) ما بين المعكوفتين سقط من المطبوع, والصواب إثباتها. والله أعلم.
(٢) يشير إلى قوله صلّى الله عليه وسلم: "بل عبداً رسولاً". أخرجه: ابن حبّان رقم: ٦٣٦٥- الإحسان, وأحمد ٢/٢٣١, والبزار ٢٤٦٢, والبغوي في "شرح السنّة" ٣/٤٧٣, وصحّحه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "السلسلة الصحيحة" رقم: ١٠٠٢ على شرط الشيخين.

<<  <   >  >>