للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك ولاية القضاء: يختار لها الأعلم بالشرع وبالواقع، الأفضل في دينه وعقله وصفاته الحميدة.

وكذلك ولاية الإمامة في المساجد في الجمعة والجماعة: يختار لها الأعلم بأحكام العبادات الأتقى، ثم الأمثل فالمثل - وكذلك ولاية قيادة الجيوش: يختار لها أهل القوة والشجاعة والرأي والنصح، والمعرفة لفنون الحرب وأدواتها، وما يتبع ذلك مما تتوقف عليه هذه الوظيفة المهمة التي هي من أهم الوظائف وأخطرها، إلى غير ذلك من الولايات الكبار والصغار. فإنها داخلة في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:٥٨] , وهذه الولايات من أعظم الأمانات. فيتعين أن تؤدى إلى أهلها، وأن يوظف فيها أهل الكفاءة بها. وكل وظيفة لها أكفاء مختصون. وهو داخل في هذا الحديث الشريف.

وكذلك يدخل في ذلك معاملة العصاة والمجرمين. فمن رتب الشارع على جرمه عقوبة من حَدٍّ ونحوه تعين ما عينه الشارع، لأنه هو عين المصلحة العامة الشاملة. ومن لم يعين له عقوبة عُزِّر بحسب حاله ومقامه. فمنهم من يكفيه التوبيخ والكلام المناسب لفعلته، ومنهم من لا يردعه إلا العقوبة البليغة.

وكذلك في الصدقة والهدية، ليس عطية الطَّواف الذي يدور على الناس فتكفيه التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان كعطية الفقير المتعفف الذي أصابته العَيْلة بعد المغني. وفي الأثر "ارحموا عزيز قوم ذل"١.

وكذلك يميز من له آثار وسوابق وغناء ونفع للمسلمين على من ليس كذلك.

فهذه الأمور وما أشبهها داخلة في هذا الكلام الجامع الذي تواطأ عليه الشرع والعقل. وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن.


(١) موضوعٌ مرفوعاً. أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" ١/٢٣٦-٢٣٧, والقضاعي في "مسند الشهاب" ١/٤٢٧-٤٢٨, وابن حبّان في "المجروحين" ٢/١١٨, ٣/٧٤, والخطيب في "المتّفق والمفترق" رقم: ١٥٣, وذكره السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" ١/٢١١ من حديث أنس وابن عبّاس وحكم عليه بالوضع, وقال: إنّما يعرف هذا من قول الفضيل بن عياض.
وانظر: "المقاصد الحسنة" ص٤٩, "مختصر المقاصد" ص٥٨, "التمييز" ص٢٠, "الكشف" ١/١٢٥, "تنزيه الشريعة" ١/٢٦٣, "المنار المنيف" ص١٠٠, "الفوائد المجموعة" ص٣١, "الغماز على اللماز" رقم: ٢١, "أسنى المطالب" ص٥٢, "تحذير المسلمين" ص٨١, "اللؤلؤ المرصوع" رقم: ٤١.

<<  <   >  >>