للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصخب"١ بالكلام المحدث للفتن والمخاصمات. كما قال في الحديث الآخر: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"٢.

فمن حقق الأمرين: ترك المفطرات، وترك المنهيات، تم له أجر الصائمين. ومن لم يفعل ذلك فلا يلومن إلا نفسه.

ثم أرشد الصائم إذا عرض له أحد يريد مخاصمته ومشاتمته أن يقول له بلسانه: "إني صائم".

وفائدة ذلك: أن يريد كأنه يقول: اعلم أنه ليس بي عجز عن مقابلتك على ما تقول، ولكني صائم، أحترم صيامي وأراعي كماله، وأمر الله ورسوله. واعلم أن الصيام يدعوني إلى ترك المقابلة، ويحثُّني على الصبر. فما عملته أنا خير وأعلى مما عملته معي أيها المخاصم.

وفيه: العناية بالأعمال كلها من صيام وغيره، ومراعاة تكميلها، والبعد عن جميع المنقصات لها، وتذكر مقتضيات العمل، وما يوجبه على العامل وقت حصول الأسباب الجارحة للعمل.

وقوله: "الصيام جُنَّة" أي: وقاية يتقي بها العبد الذنوب في الدنيا ويتمرن به على الخير، ووقاية من العذاب.

فهذا من أعظم حكم الشارع من فوائد الصيام، وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:١٨٣] , فكون الصوم جنة، وسبب لحصول التقوى: هو مجموع الحكم التي فصلت في حكمة الصيام وفوائده فإنه يمنع من المحرمات أو يخففها، ويحث على كثير من الطاعات.


(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ١٨٩٤, ومسلم ١١٥١ بعد ١٦٠, وفيهما "يجهل" بدل "يصخب".
(٢) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ١٩٠٣.

<<  <   >  >>