ب- وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يفرق في ذلك بين الأطفال الذكور والإناث، فقد رأينا في رواية أبي قتادة كيف حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامة بنت الحارث، وهو في الصلاة يرفعها على عاتقه إذا وقف، ويضعها إذا ركع.
ج- وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن أيضا يفرق بين ابن متبناه "أسامة بن زيد"، وبين حفيده من صلبه "الحسن بن علي"، وكان يضع كل واحد منهما على فخذ من فخذيه ويضمها، وهذا يشمل الأيتام، والذي مرضت أمهاتهم، أو غاب آباؤهم في الجهاد أو السفر، إلخ..
د- وإذا عرفنا أن هذه الحادثة من رواية أسامة بن زيد بن حارثة يتكلم عن نفسه أدركنا أنه كان مميزًا، حين كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقعده على فخذه.
فدل ذلك على أن العطف على الأطفال لا يقتصر على الرضع بل يشمل من هو أكبر من ذلك؛ لأن حاجتهم إلى العطف لا تقتصر على سن معينة من طفولتهم، بل تشمل معظم مراحل الطفولة.
وقد جاءت التجارب العلمية مؤيدة هذا المبدأ التربوي النبوي، فقد ثبت أن الطفل الرضيع لا ينمو على الغذاء فحسب، بل على عطف الأم الذي لا يقل أهمية عن الغذاء بل هو أهم منه تربية شخصية الناشئ، وأن قوام الأسرة هو الحب المتبادل، حتى إذا شب الطفل، استطاع نقل هذا الحب معه إلى خارج الأسرة، إلى المجتمع الإسلامي، فيتراحم المسلمون، ويتحاب أفراد المجتمع.
٦- صورة فطرة الطفل عن الزلل والانحراف:
اعتبر الإسلام لأسرة مسئولة عن فطرة الطفل، اعتبر كل انحراف يصيبها مصدره الأول الابوان، أو من يقوم مقامهما من المربين.
ذلك أن الطفل يولد صافي السريرة، سليم الفطرة، وفي هذا المعنى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة:
"ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ ".