الله الشيطان وأعطاه كل مقدرة على الإغراء حتى يتم به ابتلاء الإنسان؛ فكان هذا أكبر داع إلى أن يتخذ المربي عدته للحذر من الانحراف؛ لأنه موجود في كل زمان ومكان، ومن أهم أساليب هذا الحذر، تصفية العقيدة والشريعة، والعلوم كلها من شوائب التحريف والتشويه التي توسوس لها الأهواء، أو يوحي بها المنحرفون من عباد الأهواء والشهوات، والمادة في كل زمان ومكان.
*- وقد دعا الإسلام صراحة إلى الدفاع عن العقيدة، والشريعة والفطرة من التحريف، وإلى إبعاد الخرافات والتأويلات الباطلة للظواهر الكونية، فنهى عن التشاؤم كما مر معنا في عقيدة القضاء والقدر، ونهى الرسول الله عن تعليل الخسوف بموت ابنه، ونهى عن البدع والابتداع، والزيادة في الشرع والدين، حتى أصبحت مهمة ترك البدع، جانبا قائمًا بذاته من جوانب التربية الإسلامية.
*- كذلك حذر الإسلام من الكذب أو التحريف في نقل الأخبار، والحوادث التاريخية، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلم الناشئ والإنسان: أنه مسئول عن كل ما يتحدث به تثبت، أو تأكد من صحته قال تعالى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا}[الإسراء: ١٧/ ٣٦] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: $"كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع".
وهكذا لم تكتف التربية الإسلامية بتقديم المنهج، والمواد العلمية للناشئ مصفاة خالصة من كل شائبة، أو تحريف بل ربت الناشئ على الامتناع عن قبول أي شيء دون التثبت منه، وبهذا ربت عنده مناعة ضد كل تحريف أو خرافة، وربته على "الأمانة العلمية"، و"التفكير المنطقي"، فأصبح لا يقبل حقائق العلم إلا صحيحة، ولا الأخبار التاريخية إلا صادقة.