للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهرها أيام الحروب الصليبية، ذلك أن علمهم، وتربيتهم الإسلامية قد هيأتهم لخدمة مجتمعهم وأمتهم.

بيد أن المدرسة الحديثة اليوم أصبحت في معزل عن الحياة الاجتماعية قلما تشعر بحاجات مجتمعها، فتحققها أو بأخطائه فتقومها.

لقد أصبح معظمها يعيش في برجه العاجي، وفي عالمه المغلق على نفسه، همه إنهاء المناهج وتنظيم الطلاب، وتهيئة الجو المدرسي الملائم، والسمعة الطيبة والنتائج المدرسية المرجوة، ونسبة النجاح المرموقة.

وتعالت صيحات بعض المربين مثل "جون ديوي" لجعل المدرسة مجتمعا مصغرا، لكن هذا لم يكن كافيا، فقد سميت المدرسة مجتمعا طلابيا طفوليا، لا يمثل مجتمع الكبار، ولا يتعاطف مع إلا نادرًا، وفي حدود دراسة البيئة، والتربية الوطنية.

والتربية الإسلامية التي تهدف إلى تخريج مصلحين حقيقيين، ورواد اجتماعيين، تدعو المدرسة إلى المشاركة الفعلية في النصح للمجتمع، والمساهمة في إصلاحه، ولترسل من طلابها وعاظا إلى المساجد، ومساهمين في الحض على نظام السير، مثلان أو نظافة المدينة وحدائقها، والحض على جمع التبرعات للجهاد، أو لمساعدة الفقراء، والعمل على محو الأمية، وكل ما يحتاجه المجتمع.

ولتحقق ذلك، يجب على المدرسة أن تستقي مناهجها وكتبها، ومقرراتها ونشاطها من صميم عقيدة الأمة وتاريخها، وأهدافها ومتطلباتها وآمالها وآلامها، حتى تخرج جيلا يحس بمشكلات مجتمعه، ويعمل على حلها، ويحس بآلام أمته ويربى على السعي إلى محوها، يعادي من يعادي أمته، وتحيا في نفسه مثلها العليا، ومصالحها فيعمل على تحقيقها منذ نشأته، ليستمر متعاطفًا مع مجتمعه وقضايا أمته مواليا للأمة الإسلامية مخلصًا لها طيلة حياته.

وتلتقي المدارس كلها على ذلك بالتقاء العاملين فيها على الإخلاص، وصدق الإيمان، والعمل لإعلاء كلمة الله في نفوس الأجيال وقلوبهم، وبتنظيم المشرفين على المدارس، لأمورها ومناهجها ونشاطها على هذه الأسس، وبحسن الإشراف والنصح والتوجيه، والتعاون مع أساتذة المدارس، ومدرائها والعاملين فيها، بوعي

<<  <   >  >>