للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦- تربية الناشئين على الحب في الله:

تبني التربية الاجتماعية على أساس عواطف اجتماعية، أهمها المحبة، وتنبع المحبة من تربية الأبوين للناشئ، فإن وهباه ما يحتاج من الحب والعطف، والعناية أصبح عنده استعداد لمحبة الآخرين، وإن لم يرويا عنده الحاجة إلى أن يحب، ظهر عنده الشذوذ والتبرم، والسخط على الآخرين، كما رأينا في بحث "الأسرة" في هذا الفصل.

على أن التربية الإسلامية أضافت إلى محبة الأبوين ينبوعا ثرًّا، لا ينضب، من ينابيع العاطفة الصادقة، إنه محبة الله الذي أنعم علينا، والذي يرحمنا في الشدائد، عندما نلجأ إليه وندعوه في المحن، فيكشف السوء.

وعلى أساس محبة الله يجب المؤمن كل من يشاركه في الولاء لله، ومحبة الله وطاعته والانقياد لشريعته، والاعتزاز بالسير تحت لوائه، وهذا ما يسمى "الحب في الله"، وله في النفس أثر عظيم وسعادة نفسية قال فيها بعض الزهاد: "لو يعلم الملوك ما نحن فيه لحاربونا عليه"، وهذا اقتباس لطيف وتصديق واقعي لما رواه أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان:

- أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

- وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله.

- وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار" ١.

وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة قوم ثبتت نصرتهم لله، ورسوله من علامات الإيمان، وبغضهم من علامات النفاق:

عن البَرَاء بن عازب رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأنصار: $"لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله"٢.


١ متفق عليه، رياض الصالحين، ٣/ ٨٧، للإمام يحيى بن شرف النووي، ت٦٧١هـ، شركة الشمولي بمصر.
٢ متفق عليه، رياض الصالحين، ٣/ ٧٨، شركة الشمولي بمصر.

<<  <   >  >>