للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- إجراء حوار أمام المتعلمين، ليتابعوا الحوار ويتعلموا منه أمر دينهم، وهذه الطريقة كانت مقصودة من قبل الشارع، بدليل لفظ البخاري: $"هذا جبريل جاء يعلم الناس أمر دينهم"، وكانت هذه الطريقة تروق بعض الصحابة رضي الله عنهم، كما ثبت في صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: "كنا نهينا في القرآن أن نسأل رسول الله صلى عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية، العاقل، فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد: أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، قال: "صدق"، الحديث"١.

وحديث جبريل جاء مخصصًا لعموم الآية: {لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: ٥/ ١٠١] ، ولعموم حديث: "نهينا عن قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال"، ولعل الصحابة كانوا يتهيبون السؤال بعموم الآية والحديث، فجاء حديث جبريل مبيحا السؤال بقصد الاستفادة، والتعليم وخاصة لأمور الدين وأسسه وعقائده.

فثبت من هذا كله أن أسلوب الحوار من أساليب التربية الإسلامية، لذلك أرسل الله جبريل يسأل الرسول ويصدقه، والصحابة يسمعون بكل لهفة وشوق، ليقتدي المعلمون والمربون بهذا الأسلوب في حياتهم التعليمية والتربوية.

*- الحوار النبوي العاطفي:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقدر الناس على تربية العواطف الربانية، والاعتماد عليها عند الضرورة.

آمن من الأنصار وفيه الرجل والمرأة، والشاب والكهل، والطاعن في السن، فربى نفوسهم على الحب في الله والحماية لدين الله، والبغض لأعداء الله، وكراهية العودة إلى الكفر والجاهلية، فلما وزع الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الغنائم في قريش وجدوا وعتبوا, كما ورد عن أبي سعيد الخدري قال٢: لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا "أي من غنائم هوازن وسباياها" في قريش، ولم يكن في الأنصار


١ ج١ باب الإيمان ١/ ٣٢، ط دار الطباعة العامرة ١٣٢٩هـ.
٢ تهذيب سيرة ابن هشام: عبد السلام هارون ص٣١٦-٣١٨، ط دار الفكر دمشق.

<<  <   >  >>