للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونموذج إخوة يوسف: تدفعهم هواتف الغيرة والحسد، والحقد والمؤامرة والمناورة ومواجهة آثار الجريمة والضعف، والحيرة أمام هذه المواجهة.

ونموذج يعقوب: الوالد المحب الملهوف والنبي المطمئن الموصول، يعرض القرآن كل هذه النماذج البشرية عرضا واقعيا نظيفا من غير إفحاش، ولا إغراء بفاحشة أو جريمة، كما يفعل مؤلفو القصص التي يسمونها واقعية أو طبيعية، من رواد جاهلية القرن العشرين، ذلك أن من أهم غايات القصة القرآنية: التربية الخلقية عن طريق علاج النفس البشرية علاجا واقعيا.

فالقصة القرآنية ليست غريبة عن الطبيعة البشرية، ولا محلقة في جو ملائكي محض؛ لأنها إنما جاءت علاجا لواقع البشر، وعلاج الواقع البشري لا يتم بذكر جانب الضعف والخطأ على طبيعته، ثم بوصف الجانب الآخر الواقعي المتسامي الذي يمثله الرسل والمؤمنون، والذي تؤول إليه بقصة بعد الصبر والمكابدة والجهاد والمرابطة، أو الذي ينتهي عند المطاف لعلاج ذلك الضعف والنقص، والتردي البشري في مهاوي الشرك، أو حمأة الرذيلة، علاجا ينهض بالهمم، ويدفع بالنفس للسمو، ما استطاعت، إلى أعلى القمم، حيث تنتهي القصة بانتصار الدعوة الإلهية، ووصف النهاية الخاسرة للمشركين الذين استسلموا إلى الضعف والنقص، ولم يستجيبوا لنداء ربهم فيزكوا أنفسهم.

<<  <   >  >>