للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو يترجم هذه الأهداف دائمًا إلى سلوك عملي يحقق متطلبات الطبيعة البشرية، ومقتضيات الشريعة الإلهية في وقت معا.

لذلك كان لأعمال الإنسان الكاملة الأولى في نجاته من عقاب الله يوم الحساب، وكان من شرار الناس الذي يعلم ولا يعمل بعلمه، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه، فيدور بها كما يدور الحمار برحاه، فيجمع أهل النار عليه فيقولون: يا فلان ما شأنك؟ ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن الشر وآتيه"، قال: وإني سمعته يعني النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار: قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: خطباء أمتك الذي يقولون ما لا يفعلون" ١.

وقد حكي عن بعض علماء السلف أن العلم ينقص، أو ينسى بترك العمل به أو الدعوة إليه أو نشره، ويزداد متانة بالعمل به، والدعوة إليه وتعليم الناس، وهذه حقيقة من حقائق التربية، وعلم النفس التي أثبتتها تجربة هذه العلوم، وقد سبق إليها الإسلام بقرون عديدة.

فمن البدهي أن التعليم بالأسلوب العملي، أو بقصد التطبيق، أوقع في النفس وأدعى إلى إثبات العلم، واستقراره في القلب والذاكرة.

أما التعلم بقصد التطبيق فقد ثبت لنا من هذه المقدمة، أنه شرط من شروط صحة العلم وقبوله عند الله، وهذا القصد يجعل تصور الطالب للأمور التي يتعلمها أوسع تفصيلا، وأعمق أثرا في نفسه، وأقرب إلى الفائدة في الحياة.

التطبيق التربوي:

يتضح لنا من هذه المقدمة أن على المربي دائما أن يربي طلابه على أن يعتزموا أن يحققوا في حياتهم ما يدرسهم إياه، وأن يلقي إليهم بأسئلة من واقع الحياة، ليتأكد كيف سيطبقون علمهم في مواقف معينة من حياتهم الفردية، والاجتماعية، ويكرر هذا


١ رواه البخاري ومسلم واللفظ له، والترغيب والترهيب ١/ ٦١، باب الترهيب: من أن يعلم ولا يعمل بعلمه، لعبد العظيم المنذري المتوفى ٦٥٦هـ، ط دار إحياء الكتب العربية بمصر لعيسى البابي الحلبي.

<<  <   >  >>