للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دموع هذا الخليفة الصالح حتى ترك الدمع أثرا واضحا في خديه، أصبح يعرف به بين أصحابه، ومما يتبع الموت التذكير بعذاب القبر، وسؤال الملكين في القبر، وتنشأ العظة بالموت عن أنه آت لا محالة لا ينجو منه إنسان، وأنه لا يأتي في الوقت الذي يريده الإنسان، فهو من صنع الله وتقديره، استأثر الله وحده بعلمه، وقد شرع الله لنا تغسيل الميت وتجهيزه، وتشييعه وزيارة القبور لنزداد عظة الموت.

٢- التذكير بالموض؛ فالحياة دائما مهددة بالمصائب والأمراض، وهي أمور تفاجئ الإنسان فتنغص عليه حياته، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة"، فالحياة الدنيا تحمل بين طياتها الدليل على نقصها وفنائها، وإن الآخرة هي الحياة الحقة الباقية: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: ٢٩/ ٦٤] ، ففي هذا موعظة لمن يعقل ويفكر في هذه الحياة، ونقصها ونكدها، ليرجع إلى الله وتستيقظ عنده الخشوع لله، والخوف منه، والخضوع لأوامره، ولذلك شرع لنا زيارة المرضى لنشكر الله على الصحة من جهة، ونواسي المريض من جهة أخرى، كما شرع لنا الصبر على المرض والمصائب، ووعدنا عليه بثواب عظيم، وأدبنا رسول الله أن ندعو للمريض بمثل قولنا: "أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك"٠١

٣- التذكير بيوم الحساب، يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وقد يجيء مقترنا بالوعظ، وذلك ما ورد في بعض الآيات كقوله تعالى: {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [الطلاق: ٦٥/ ٢] .

لأن تقبل الوعظ والامتناع عن المحرمات، وعن الاستبداد بالزوجة، مثلًا، بقصد مكارهتها وظلمها وأكل صداقها، هذا الامتناع يحتاج إلى رادع، ووازع من نفس الإنسان، ولا رادع كالخوف الحقيقي من الله، ومن يوم الحساب، ووجود هذا الخوف يعتمد على تربية إسلامية تنمو معها العواطف الربانية كما أشرنا إلى ذلك في حينه من مباحث هذا الكتاب.


١ رواه أبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري، الترغيب والترهيب لعبد العظيم المنذري، ٤/ ١٠٣، ط عيسى البابي الحلبي.

<<  <   >  >>