للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا يعلم الإنسان أن يبحث عن غاية كل ظاهرة من ظواهر الكون، وأن يبعد تفكيره عن اللهو والعبث والضياع، وأن يكون تأمله لهذا الكون تأملا منطقيا علميا، ولتحقيق هذا واستكماله، لفت القرآن نظر المتأمل إلى أمرين آخرين غير الجدية، والغاية، سنراهما في الفقرتين التاليتين:

٢- خضوع الكون لسنن سنها الله وفق أقدار قدرها الله:

{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ، وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [٣٦/ ٣٧-٤٠] ، وقال تعالى:

{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ، وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: ١٥/ ١٩-٢١] .

فدورة الشمس والقمر في فلك لا يحيدان عنه، وفي مواسم لا تتخلف، كل ذلك يجري حسب سنن كونية سنها الله، ومقادير قدرها الله.

وكذلك جميع الأحياء التي على الأرض جعل الله لها معايش، مقدرة مقننة ما ينزلها إلا بقدر معلوم.

وقد علم الله الإنسان الحساب بتكرار الليل والنهار، وتقدير الفصول الأربعة، والأشهر القمرية، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: ١٧/ ١٢] .

وقال عز وجل: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [الأنعام: ٦/ ٩٦] .

والحق أن علم الحساب كله قائم على تكرار الوحدات المتساوية، وعدها وإضافتها بعضها إلى بعض، إما على مجموعات مختلفة العدد "الجمع"، وإما على تكرار مجموعات متساوية العدد "الضرب"، وكذلك "قسمة" الأعداد المؤلفة من وحدات

<<  <   >  >>