للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأثر التربوي:

هذه الآيات وكثير أمثالها، ترقق قلب الإنسان، وتربي عواطفه، وانفعالاته كل الخشوع لله، والشعور بفضله، وعنايته، ورحمته، وحلمه، وتدفع الإنسان إلى حمد الله وشكره، وتسبيحه، وتوحيده.

وهي تربي العقل على مبدأ علمي عملي، كان آخر ما اهتدى إليه الفكر الغربي، هو مبدأ التقنية، واستخدام القوانين العلمية وقوى الكون لرفاهية الإنسان.

ذلك أن كل آية من هذه الآيات التي نزلت منذ أربعة عشر قونا، تقول للإنسان: استخدم حرارة الشمس التي سخر الله لك، واستخدم ضوء القمر، والرياح والنجوم، والأنهار، والجبال، والبحر، وكل شيء سخره الله لك، وجعل مفتاحه بيدك.

وهذه قاعدة تشمل كل ما في الأرض، ألم يقل الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢/ ٢٩] .

هذا من الناحية العلمية والاجتماعية والحضارية، أما من الناحية التربوية، فقد ربانا القرآن التربية التي لا يطغى فيها الإنسان، ولا يتجاوز حده في استخدام هذه الأمور، فلا يفسد ماء الأنهار، ولا يقتل كائنات البحار، ولا يستعمل نعم الله في سفك الدماء، وتعميم الدمار، ولا يظلم أخاه الإنسان، فيغتصب خيراته بغيا وعدوانا، أو زورا وبهتانا.

والتربية الإسلامية هي التي ضمنت هذا الجانب، فالإنسان، تحت رايتها، إنما يستخدم ما سخر الله له باسم الله، وبأمره، وفي حدود شريعته، والله لا يحب الفساد ولا يسمع بالظلم والعدوان، بل يدعو إلى العدالة بين الناس، والتراحم والتكافل والتعاون، فإذا ذكر الإنسان اسم الله على كل سلوكه، وتصرفاته وعلى كل ما يستخدمه أصبح سلوكه مثاليا، وامتنع عن كل بغي، وعدوان وإفساد وبهتان.

<<  <   >  >>