للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا وقع في معصية، سترها وندم وتاب، وعاد إلى جادة الصواب، فيتوب الله عليه إن كان لا يجهر بها، ثم أقلع عنها.

وهكذا نرى أن الشريعة الإسلامية تربي الناس بثلاثة أساليب:

١- أسلوب تربوي نفسي ينبع من داخل النفس، ضابطه الخوف من الله ومحبته، وتطبيق شريعته اتقاء لغضبه، وعذابه ورغبة في ثوابه، وهذا الأسلوب قد تخبو جذوته أحيانًا عند بعض الناس، أو يفقده من لم يتمكن الإيمان من قلبه، فتسول نفسه له العبث بحرمات الناس، ويطمع بالمال المحرم أو الشهوات المحرمة من كان في قلبه مرض، فتعالجه الشريعة بالأسلوب الثاني.

٢- التناصح الاجتماعي والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، فالمجتمع الغيور على شريعة الله، وحرماته لا يدع منكرًا، ولا يقر على ترك أصل من أصول الإسلام كالصلاة والزكاة والصوم، والجهاد، بل يأمر المقصر، ويأخذ بيده، ليعينه على نفسه، أو على تربية أولاده.

٣- وازع السلطة التنفيذية أي الدولة المسلمة التي تنفذ أحكام الشريعة، فيستتب الأمن، ويسود سلطان الشرع، وينعم الناس بعدل الشريعة.

وهذه الأساليب الثلاثة تتعاون على تحقيق المعاني الإسلامية، وتطبيقها في حياة الفرد والجماعة والدولة، فتصبح هذه الحياة أقرب ما تكون إلى الكمال، والسعادة والحضارة والرخاء، والتكافل والطمأنينة والاستقامة.

وتتبع أصالة الشريعة الإسلامية من اعتمادها على الإيمان بالله، وعبادته، والخوف منه، وعن هذه الأصالة يصدر المجتمع في تقاليده وأعرافه الإسلامية، كما يصدر الفرد في سلوكه، وأمانته، وانضباطه الذاتي، وإقباله على تعلم الشريعة، وتطبيق أحكامها على نفسه، دون حاجة إلى رقيب، أو جلاد رهيب، يدعه إلى تنفيذ الأوامر دعا، كما يحدث لدى الأمم ذات القوانين الوضعية.

وهذه هي أعظم ميزة تميز الشرع الإسلامي عن القوانين البشرية الوضعية.

<<  <   >  >>