للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك لأن هذه الآلة نادرا ما تقتل المجني عليه، فإذا ترتب عليها القتل كان لا بد من توافر دليل آخر يفيد أنه قصد القتل بها؛ لأن مثلها يتقاصر عن إثبات القتل عمدا.

الرأي الثالث: "وهو الحنفية والشافعية والحنابلة" يرى هؤلاء الفقهاء أن الجاني إذا ارتكب بمثل هذه الآلة جنايته تكون شبه عمد، ولا عبرة بقصد القتل أو عدمه؛ لأن هذه الآلة نادرا ما تؤدي إلى القتل، وبمثلها يتقاصر معنى العمدية ولا يتكامل، ومن ثم تكون الجناية شبه عمد، وأيضا فإن استعمال مثل هذه الآلة يورث شبهة في إثبات قصد القتل والحدود تدرأ بالشبهات، والقصاص كذلك.

غير أنه إذا اقترن استعمال هذه الآلة ظروف آخرى جعلتها تكشف عن قصد الجاني قتل المجني عليه، فإن الجناية تكون في هذه الحالة عمدا.

ومن هذه الظروف ما لو كرر الضرب بالعصا الصغيرة، أو وضعها في مقتل كعين أو أذن أو فرج، وبشرط ألا يشتد الألم منها ويبقى إلى الموت، وألا يجرحه بها ثم يسري الجرح حتى الموت.

وكذا يعتبر عمدا إذا كان المجني عليه مريضا أو صغيرا لا يحتمل مثل هذه الآلة، أو كان الجو حارا أو باردا مما يعين على الهلاك بمثلها -كما سبق أن أوضحنا هذا تفصيلا١- وبهذا يتقارب الرأي الثاني والثالث؛ لأن توافر قصد القتل غالبا ما يكون بمثل هذه القرائن التي ذكرت.


١ راجع المبحث "سادسا" من أركان الجريمة العمد في الفقه الإسلامي.

<<  <   >  >>