الإنسان بما يوجب قصاصا أو مالا أو كفارة، وأما ما عدا ذلك من الجنايات فإنها تسمى حدودًا أو تعازير، وقد سبق بيان أنواعها.
وتعارف هؤلاء الفقهاء على إطلاق "الجناية" على الاعتداء على النفس لم يمنع من استعمال بعضهم لفظ "الجناية" في كل ما فيه تعد، ولو على حق من حقوق الله تعالى هو عبادة خالصة، كجناية المحرم -بضم الميم وكسر الراء- على إحرامه باقترافه ما حرم عليه من أفعال؛ كلبس مخيط، أو وضع طيب، أو حلق شعر ... فقد عنون فقهاء الحنفية لهذا النوع من الأفعال بـ"الجنايات" مع إطلاقهم نفس الاسم على ما كان اعتداء على النفس، وقد شعر بعض فقهائهم بهذا التشابه في المسميات فأجاب الكمال بن الهمام على هذا بقوله:"الجناية فعل محرم، والمراد هنا -أي: في الحج- خاص منه، وما تكون حرمته بسبب الإحرام أو الحرم"، ويقول البابرتي في العناية:"الجناية اسم لفعل محرم شرعًا، سواء حل بمال أو نفس، ولكنهم -أعني الفقهاء- خصوها بالفعل في النفوس والأطراف، فأما الفعل في المال فسموه غصبا، والمراد هاهنا -أي: في الحج- فعل ليس للمحرم أن يفعله".
والذي دعاء هؤلاء الفقهاء إلى التمييز بين بعض الجرائم وبعضها وإطلاق اسم الجنايات على ما كان على النفس ... ، وأما غيرها فقد عنونوا له بالحدود أو التعازير هو الخصائص المتغايرة بين العقوبتين؛ إذ الحدود لا يجرى فيها