للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما يعود على الخلق من منافع من تطبيقها، ففي بيان الحكمة من شرعية القصاص يقول الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، فالقصاص في الظاهر موت للجاني؛ لكنه في الحقيقة والواقع أحياء لأنفس كثيرة بعد ذلك، ولا اعتداد بالجزء إذا ترتب عليه فساد الجسم كله.

وفي بيان الحكمة من تحريم الخمر والميسر يقوله الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ١، وآثار العداوة والبغضاء على المجتمع لا يمكن حدها ولا حصرها؛ ولذلك سميت الخمر "أم الخبائث".

كما أن الله -عز وجل- بعد أن بين عقبة الزنا والقذف يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ٢.

فقد بين أن من اتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر، والعقل والشرع لا يقبل أن يأمر إنسان بذلك، فيجب الابتعاد عنه.

وإذا كانت هذه الحدود الشرعية محققة لمصالح الأفراد والجماعات كان من الواجب إقامتها، حتى لا يهلك الجميع، مصداقًا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل القائم في حدود الله، والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا" رواه البخاري والترمذي.


١ الآية ٩١ من سورة المائدة.
٢ الآية ٢١ من سورة النور.

<<  <   >  >>