للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجاني، وبعضها في وسائل إثباتها في الإقرار بها، أو في الشهادة عليها، تنبثق منها آيات الرحمة، التي لا يحس بها إلا دارس هذا الفقه والعالِم به.

فلا حد على قاصري العقل؛ لصغر أو عته أو جنون.. لانعدام المعنى المقصود من شرعية العقوبة تحت ظل هذا القصور العقلي، وهو ردع الجاني عن الجناية، ولأن الجناية تعتمد القصد الصحيح وهؤلاء لا قصد لهم..

ولا حد على مَن فقد إرادته بسبب يعذر فيه.. كجهل بالحرمة أو العقوبة إذا توافرت شروطه، أو نوم، أو إغماء، أو سكر بمباح.

ولا حد على من فقد اختياره أو رضاه.. كالمكره.. ولا حد على مضطر.. ففي كل ذلك رحمة.

وفي فتح باب العفو عن القصاص إلى الدية رحمة، ففي الوقت الذي استحقت فيه النفس فتح باب كبير لنجاتها، بل إن المشرع الحكيم قد حث على الانتفاع بهذا الباب في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ} ، وقال صلى عليه وسلم: "ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزا" ١، وقال أنس: "ما رفع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو"٢، وقد انعقد الإجماع على مشروعيته.


١ رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه، والأحاديث في هذا الباب كثيرة. راجع: نيل الأوطار ج٧ ص٢٩.
٢ رواه أبو داود وابن ماجه والنسائي وأحمد.

<<  <   >  >>