للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ردوا على أدلة الرأي الأول بما يأتي:

١- أما قولهم بأن الحديث "الأول" لم يفرق بين العصا الصغيرة والكبيرة، فقد رد عليه ابن المعتز قائلا: "إن الحديث حجة عليهم لا لهم؛ وذلك لأن العصا لا يطلق إلا على ما لا يقتل غالبا، ولا تسمى الخشبة الكبيرة عصا، بل جذعا وأسطوانة ونحوهما، وعملها يفوق عمل العصا، فلا يلحق به"، وأيضا يمكننا أن نضيف إلى ذلك أن اقتران السوط بالعصا ينبئ عن المماثلة في الاستعمال، والسوط ليس موضوعا للقتل ولا مما يقتل غالبا.

٢- وأما استدلالهم بحديث أبي هريرة "الثاني" فقد قالوا: إن الحجر إذا كان صغيرا لا يقصد به القتل غالبا.

٣- وأما الحديث: "كل شيء خطأ إلا السيف" فقد ضعفه أهل الحديث، فقال الشوكاني: "هذا الحديث يدور على جابر الجعفي، وقيس بن الربيع، ولا يحتج بهما، وأيضا هذا الدليل أخص من الدعوى، فإن أبا حنيفة يوجب القصاص بالمحدد، ولو كان حجرا أو خشبا، ويوجبه أيضا بالمنجنيق لكونه معروفا بقتل الناس، وبالإلقاء في النار".

الترجيح:

والذي نرى رجحانه هو الرأي الثاني؛ وذلك لما استدلوا به، وأما ما ورد في الأحاديث فإنه متفق مع وجهة نظر هذا الرأي، فإن ما جاء في حديث أنس أن يهوديا رض رأس جارية.. يدل على أنه قتلها بمثقل؛ لأن كلمة "رض" تدل على القتل بالمثقل ... ولذلك اقتص منه، والأحاديث الأخرى لا تعارض هذا؛ لأن حديث المرأة التي رمت الأخرى بحجر فقتلتها، يدل على أنها ضربتها بما لا يقتل غالبا، وذلك

<<  <   >  >>