والذي نرى رجحانه هو الرأي الثاني؛ لورود آثار عن الصحابة -رضوان الله عليهم- تقضي بذلك، ولأن هذا الرأي فيه تخفيف نسبي عن العاقلة التي لم ترتكب هذه الجناية، وهذا التخفيف يتلاءم مع وضع العاقلة التي تتحمل هذا المال مساعدة ومعاونة ومواساة، ولم تكن مسئولة مسئولية جنائية عما حدث، وهذا ما يدعونا إلى ترجيح جانب التخفيف عن العاقلة في الأداء، والتخفيف عنها يكون أبرز وأظهر إذا قلنا بإيجاب هذه الدية في ثلاث سنين على أن تؤدي في كل سنة ثلثها.
النوع الثاني: الكفارة:
بينا فيما تقدم المقصد من مشروعية الكفارة١، وما تؤدَّى به، ونوضح هنا آراء الفقهاء في إيجاب هذا النوع من العقوبة في القتل شبه العمد، وللفقهاء القائلين بهذا النوع من الجريمة ثلاثة آراء:
أحدها: أنه لا تجب كفارة في القتل شبه العمد، وهو رأي لأبي حنيفة في غير ظاهر الرواية، ويوافق هذا الرأي رأي الزيدية والظاهرية؛ لأنهم لا يقولون بالكفارة في القتل العمد، والعمد عندهم يعم العمد وشبه العمد، وقد بينت كتب الحنفية وجه هذا الرأي، فقالوا: إن الإثم في جريمة شبه العمد كامل متناه فهي جناية مغلظة، بدليل أن المؤاخذة فيها ثابتة، وتناهي الإثم يمنع شرعية الكفارة؛ لأن شرعيتها من باب التخفيف