للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو لا يستحق التخفيف، فلا يجب بالقتل شبه العمد كفارة كما لا يجب في القتل العمد، ولا يصح قياسه على الخطأ؛ لأنه لا إثم فيه.

الرأي الثاني: يندب أداء الكفارة، وهذا الرأي للمالكية؛ ذلك لأنهم لا يفرقون بين القتل عمدا أو شبه عمد، فالكل عمد، وفي العمد يندب أداء الكفارة عندهم كما سبق أن بينا١.

الرأي الثالث: يرى جمهور الفقهاء "الحنفية -في ظاهر الرواية- والشافعية، والحنابلة، والإمامية" إيجاب الكفارة في القتل شبه العمد، وقد استدلوا على ذلك بالكتاب والقياس:

أما الكتاب: فبقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ... } وذلك لأن القتل شبه العمد هو قتل خطأ بالنظر إلى الآلة المستخدمة؛ حيث إنه لم يقصد القتل وإن قصد الضرب، وإنما حدث القتل خطأ، وإذا كان كذلك وجبت الكفارة في القتل شبه العمد بالآية؛ إذ إنها قد جعلت الكفارة واجبة في القتل خطأ.

وأما القياس: فقد قالوا بقياس شبه العمد على الخطأ في إيجاب الكفارة؛ وذلك لأن كلا منهما وجد فيه خطأ في القتل.

وقد اعترض على هذا الاستدلال بأن تعين الكفارة لدفع الذنب الأدنى في الشرع لا يعينها لدفع الذنب الأعلى؛ إذ لا شك أن شبه العمد أعلى ذنبا من الخطأ المحض، فإن الجاني في شبه العمد قاصد الضرب، بخلاف الخطأ؛ ولهذا أثم في الأول دون الثاني.

وقد أجيب عن هذا بأن الكفارة ثبتت بالآية في القتل خطأ، والقتل


١ راجع ص٣٤٣.

<<  <   >  >>