في جريمة شبه العمد وقع خطأ، كما بينا آنفا، فانتظمت الآية وجوبها فيهما، فلا حاجة إلى الاستدلال بالقياس.
أما قول أصحاب الرأي الأول:"إن الإثم في جريمة شبه العمد متناه ... "، فقد أجيب عنه بأن الإثم في شبه العمد هو إثم الضرب؛ لأن الجاني قد قصد الضرب، لا أنه إثم القتل؛ لأنه لم يقصد القتل، وهذه الكفارة تجب بالقتل وهو فيه مخطئ، ولا تجب بالضرب، ألا ترى أنها لا تجب بالضرب بدون القتل، وبعكسه تجب، فكذلك عند اجتماعهما يضاف وجوب الكفارة إلى القتل دون الضرب.
الترجيح:
ونرى رجحان الرأي الثالث "رأي جمهور الفقهاء"؛ وذلك لرجحان ما استندوا إليه، فإن القتل في شبه العمد خطأ، وإلا لوجب القصاص، وإذا كان خطأ فإن الآية أوجبت على من يقتل خطأ كفارة.
النوع الثالث: الحرمان من الميراث:
سبق أن بينا آراء الفقهاء في حرمان القتل عمدا بغير حق من ميراث مقتوله١، ونورد هنا آراءهم في أثر جريمة شبه العمد على هذا النوع من العقوبة، على النحو التالي:
أولا: أن من قالوا فيما تقدم "سعيد بن المسيب وابن جبير": إن القاتل عمدا لا يحرم من الميراث، فإنهم بطريق الأولى يقولون ذلك هنا.