للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: أن من لم يفرق بين العمد وشبه العمد -وهم المالكية والزيدية والظاهرية- يجعلون بعض أنواع القتل شبه العمد عمدا موجبا للقصاص١، وإذا كان عمدا فإنه يكون مانعا من الميراث.

ثالثا: أما الفقهاء الذين فرقوا بين العمد وشبه العمد -وهم الحنفية، والشافعية، والحنابلة، والإمامية- فإنهم قالوا: إن القتل شبه العمد مانع من الميراث أيضا كالقتل عمدا للأدلة التي ذكرت في حرمان القاتل عمدا من الميراث؛ وذلك لأن الحرمان من الميراث عقوبة للقتل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس للقاتل شيء"، والشبهة التي وجدت في جريمة شبه العمد شبهة تؤثر في سقوط القصاص ولا تؤثر في حرمان الميراث.

الترجيح:

ونرى رجحان هذا الرأي الذي يقضي بحرمان القاتل قتلا شبه عمد من الميراث إذا كان الضرب عدوانا؛ وذلك لعموم الأحاديث التي أثبتت حرمان القاتل من الميراث، ولما في ذلك من تحقيق مصلحة راجحة هي: أن يكف الأقارب عن الاعتداء بعضهم على بعض، ويتوخون تدعيم علاقتهم -لا فصلها وقطعها- بمثل هذه الأعمال التي تؤدي إلى القتل؛ فإن صلة الرحم


١ سبق أن بينا أن المالكية والزيدية يجعلون الضرب عدوانا بآلة لا تقتل غالبا عمدا موجبا للقصاص، بينما يرى جمهور الفقهاء أنه شبه عمد، أما إن كان الضرب بقصد اللعب أو التأديب وأفضى إلى الموت، وكان بآلة موضوعة للتأديب أو اللعب يكون خطأ موجبا للدية عند المالكية والزيدية، لا عمدا موجبا للقصاص، أما الظاهرية فقد اعتبروه عمدا، وأما جمهور الفقهاء فقد خالفوا المذاهب الثلاثة فجعلوا الضرب بقصد اللعب أو التأديب بآلة موضوعة لذلك إذا أفضى إلى الموت قتلا شبه عمد.

<<  <   >  >>