للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاتل أيضا عنه جنايته إذا جنى، فلم يذهب حمله للجناية ضياعا.

والخامس: أن جنايات الخطأ تكثر بين الناس، ودية الآدمي كثيرة، فإيجابها على الجاني في ماله يجحف به، وقد يستأصل كل أمواله، فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة على سبيل المواساة للقاتل، والإعانة له تخفيفا عنه إذا كان معذورا في فعله "وينفرد هو بالكفارة" وبهذا فارق ضمان المال فإنه لا يكثير عادة، فلا تقع الحاجة إلى التخفيف، وما دون نصف عشر الدية حكمه حكم ضمان الأموال١.

من تجب عليه الدية في الجناية خطأ ابتداء:

اختلف الفقهاء أيضا فيمن تجب عليه الدية في الجناية خطأ ابتداء، كما اختلفوا في اشتراك الجاني مع العاقلة في دفع الدية، ونوضح آراءهم في كلا النقطتين:

أ- من تجب عليه الدية ابتداء: للفقهاء رأيان فيمن تجب عليه الدية ابتداء:

أولهما: يرى الحنفية والشافعية "على الأصح" أن دية الخطأ تجب ابتداء على القاتل، واستدلوا بأن قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} معناه: فليحرر رقبة وليؤد دية، وهذا الخطاب موجه إلى القاتل لا إلى العاقلة، وهذا يدل على أن الوجوب على القاتل ابتداء، وأيضا لأن سبب الوجوب هو القتل، وأنه وجد من القاتل لا من العاقلة، فكان الوجوب عليه لا عليها، وإنما العاقلة تتحمل دية واجبة على القاتل.


١ أحكام القرآن للجصاص ج١ ص٢٧٢-٢٧٤.

<<  <   >  >>