للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثانيهما: يرى كثير من الفقهاء "الشافعية في مقابلة الأصح" والحنابلة والظاهرية والإمامية وهو قول الأوزاعي والحسن بن حي وأبو سليمان: أن الدية تجب على العاقلة ابتداء، ولا تجب على القاتل؛ وذلك لما روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد حكم بالدية على عصبة القاتلة، كما في حديث أبي هريرة: قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمة، ثم إن التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن ميراثها لبنيها وزوجها وأن العقل على عصبتها.

ومن طريق مسلم بسنده عن المغيرة بن شعبة وذكر الحديث، فقال رجل من عصبة القاتلة: أنغرم دية من لا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسجع كسجع الأعراب" وجعل عليهم الدية، ثم يقول ابن حزم: فهذا نص حكم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ببراءة الجانية من الدية جملة، وأن ميراثها لزوجها وبنيها، لا مدخل للغرامة فيه، والدية على عصبتها، وهي ليست عصبة لنفسها، لا في شريعة ولا في لغة، فصح يقينا أنه لا يغرم الجاني من دية النفس ولا من الغرة شيئا.

ب- اشتراك الجاني مع العاقلة: وللفقهاء ثلاثة آراء في ذلك:

أولها: يرى الحنفية والمالكية اشتراك الجاني مع العاقلة من الابتداء إلى الانتهاء؛ وذلك لأن العاقلة إنما أمرت بالدخول مع القاتل في تحمل الدية على سبيل المواساة له من غير أن يلزمهم ذنب الجناية -كما بينا آنفا- فلا أقل من أن يشاركهم في أدائها.

ثانيها: يرى الشافعية "على الأصح" والزيدية: أنها تجب على الجاني في الانتهاء، وذلك أنه عند فقد العاقلة -عند الزيدية- تكون في مال الجاني، وعند فقد العاقلة وعدم وجود بيت المال أو عدم انتظامه تكون في مال الجاني -عند الشافعية- لكن قبل ذلك لا يشترك في أدائها مع العاقلة.

<<  <   >  >>