للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثها: يرى الحنابلة والشافعية "في مقابل الأصح" والإمامية والظاهرية: أنها لا تجب عليه ابتداء، وكذا انتهاء، مستدلين بالأدلة التي ذكرناها في الرأي الثاني "فيمن تجب عليه الدية" وقالوا أيضا: إن الجاني خطأ لم تلزمه الدية فلا يلزمه بعضها، كما لو أمره بالإمام بقتل رجل يعتقد أنه قتل بحق فبان مظلوما، فلا يلزمه شيء فكذا هنا، ولأن الكفارة تلزم القاتل في ماله، وذلك يعدل قسطه من الدية وأكثر منه، فلا حاجة إلى إيجاب شيء من الدية عليه.

الترجيح:

ونرى رجحان الرأي الأول في كلا النقطتين لعدة وجوه:

أولها: أن الآية الكريمة أوجبت في القتل خطأ تحرير رقبة وتقديم الدية، والخطاب هنا موجه إلى القاتل، بدليل أن الكفارة تلزمه وتجب عليه هو فكذلك الدية، والكفارة تجب في ماله فكذا الدية، إلا أن السنة أضافت إلى ذمته ذمة العاقلة مواساة له وإعانة ورفقا بحاله ونظرا إليه.

وثانيها: أن التعاون والتآزر بين أفراد العاقلة يكون أتم إذا اشترك الجاني معهم في دفع الدية، ويتحقق التعاطف والمواساة بين الجانبين.

وثالثها: أن الدية تعويض عن المجني عليه وعقوبة، وهذه العقوبة وإن خففت عن القاتل لعدم قصده إلا أنه ليس من المقبول عقلا إسقاطها عنه جميعها وتكليف غيره بأدائها دونه، مما يؤدي إلى إيغار صدور العاقلة عليه وتغير شعورهم نحوه، وما لا يقبل عقلا يبعد أن يكون مقبولا شرعا.

الفرع الثالث: حقيقة العاقلة:

اختلف الفقهاء في تحديد مدلول العاقلة إلى رأيين:

الرأي الأول: يرى الحنفية أن عاقلة الحر هم أهل ديوانه إذا كان

<<  <   >  >>