العمد يحكم جنايته إحكاما تاما؛ بحيث تظهر في صورة الخطأ، فالتهمة في القتل الخطأ موجودة.
اختلافهم في القتل بسبب:
سبق أن بينا أن القتل الخطأ وما يأخذ حكمه أنواع، فالخطأ إما خطأ في القصد أو في الفعل أو فيهما، وما يأخذ حكمه، هو ما جرى مجرى الخطأ، كالنائم يتقلب على غيره فيقتله، وكذا القتل بسبب كحفر بئر في الطريق أو إلقاء حجر، والقتل في الأوليين تم بالمباشرة، وفي الأخير تم بالتسبيب.
ولقد اتفق هؤلاء الفقهاء -أصحاب الرأي الثالث- على أن القتل بالمباشرة يمنع من الميراث، واختلف الحنفية مع الشافعية في كون القتل بالتسبيب مانعا من الميراث، فقال الشافعية: إنه يمنع من الميراث كالقتل بالمباشرة.
وقال الحنفية: إنه غير مانع من الميراث؛ وذلك أن حرمان الميراث يتعلق بالقتل حقيقة، والتسبيب ليس قتلا حقيقة؛ لأن القتل ما يحل في الحي فيؤثر في إزهاق الروح، والتسبيب ليس كذلك؛ لأنه فعل في غيره تعدى أثره إلى هذا الإنسان الحي، كما أوقد نارا في داره فأحرق دار جاره فإنه لا ضمان عليه.
فالمتسبب ليس بقاتل حقيقة ولا متهم؛ لأنه لا يعلم أن مورثه يقع في البئر، وهو متهم في الخطأ وما جرى مجراه لاحتمال أنه قصد ذلك في الباطن١، فيمنع الميراث فيما ترد فيه التهمة لا يمنعه فيما لا ترد فيه التهمة.
١ وقد سبق أن بينا وجه الفرق بين هذه الأنواع في صدر هذا الفصل.