للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامي، ويمكن اعتبار كل العاملين في مصنع من المصانع عاقلة، كل منهم يعقل عن الآخر إذا ما توافرت شروط العاقلة فيهم وفي كل فرد منهم.

وأما إيجاب الكفارة فيرى بعض الفقهاء "الحنابلة" إيجابها في ماله، وقد يستدل لهذا الرأي بأن القتل هنا قد وقع خطأ؛ لأنه لم يرد قتل نفسه، والله تعالى يقول: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وهو قد وقع قتله لنفسه خطأ، بينما يرى جمهور الفقهاء عدم إيجابها عليه؛ وذلك لانعدام خطابه بها بسبب موته، وإذا انعدم خطاب الشرع له بها -بسبب الموت- لم تجب عليه كسائر الأحكام.

ثالثا: وأما إن قتل نفسه خطأ أو قطع عضوا من أعضائه، فقد اختلف في إيجاب الدية والكفارة أيضا:

فإما إيجاب الدية على العاقلة -كما هو الشأن في الجناية خطأ على الغير- فيرى بعض الحنابلة "القاضي" أن على عاقلته ديته لورثته إن قتل نفسه، أو أرش جرحه إذا كان أكثر من الثلث، وهو قول الأوزاعي وإسحاق؛ وذلك لما روي أن رجلا ساق حمارا فضربه بعصا كانت معه، فطارت شظية ففقأت عينه، فجعل عمر ديته على عاقلته، وقال: "هي يد من أيدي المسلمين لم يصبها اعتداء على أحد"، ولم نعرف لعمر مخالفا في عصره، ولأنها جناية خطأ، فكان عقلها على عاقلته كما لو قتل غيره، فعلى هذا الرأي إن كانت العاقلة الورثة لم يجب شيء؛ لأنه لا يجب للإنسان شيء على نفسه، وإن كان بعضهم وارثا سقط عنه ما يقابل نصيبه، وعليه ما زاد على نصيبه، وله ما بقي إن كان نصيبه من الدية أكثر من الواجب عليه.

ويرى أكثر أهل العلم "الحنفية والمالكية والشافعية وقول للحنابلة

<<  <   >  >>