القسم الخامس: خنقه بحبل أو غيره: وهو نوعان؛ أحدهما: أن يخنقه في عنقه ثم يعلقه في نحو خشبة، فيموت. فهو عمد سواء مات في الحال، أو بقي زمنا؛ لأن هذا جرت به عادة اللصوص والمفسدين، الثاني: أن يخنقه وهو على الأرض أو سد فمه أو أنفه أو عصر خصيتيه حتى مات في مدة يموت في مثلها غالبا، فعمد؛ لأنه يقتل غالبا، وإن كان ذلك في مدة لا يموت مثله فيها غالبا فشبه عمده، إلا أن يكون صغيرا إلى الغاية بحيث لا يتوهم الموت فيه فمات فهدر؛ لأنه لم يقتله. القسم السادس: حبسه ومنعه الطعام والشراب أو أحدهما أو منعه الدفء في الشتاء ولياليه الباردة حتى مات جوعا أو عطشا أو بردا في مدة يموت في مثلها غالبا، بشرط أن يتعذر عليه الطلب، فعمد؛ لأن الله تعالى أرى العادة بالموت عند ذلك، فإذا تعمده الإنسان فقد تعمد القتل، فإن لم يتعذر عليه الطلب، وتركه حتى مات، فهدر؛ لأنه المهلك لنفسه، كتركه شد موضع فصاده؛ لحصول موته بفعل نفسه وتسببه فيه. والمدة التي يموت فيها غالبا تختلف باختلاف الناس والزمان والأحوال، فإذا عطشه في الحرمات في الزمان القليل، وعكسه في البرد، وإن كان حبسه مع منعه الطعام والشراب في مدة لا يموت فيها غالبا فهو عمد الخطأ، وإن شككنا في المدة التي يموت فيها غالبا لم يجب القود لعدم تحقق موجبه. القسم السابع: سقاه سُمًّا لا يعلم المقتول به، أو خلطه بطعام، ثم أطعمه إياه، أو خلطه بطعام أكله وهو لا يعلم به، فمات، فعليه القود إن كان ذلك السم مثله يقتل غالبا؛ لما روي أن يهودية أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- بشاة مسمومة، فأكل منها النبي -صلى الله عليه وسلم- وبشير بن العلاء، فلما مات بشير أرسل إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- فاعترفت فأمر بقتلها، رواه أبو داود. =