للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سواء قصد القتل أم قصد التأديب؛ لأن مثل هذا الفعل لا يستعمل إلا في القتل عادة، فكانت مباشرة الجناية به دليلا ظاهرا على إرادته لا حاجة معه إلى التعرف على نيته وقصده؛ لأنها أمر باطني.

ثالثا: الظن الخاطئ لا يخرج الجريمة عن كونها عمدا، فلو ظن أن دم المجني عليه مستحق له، نحو أن يظنه قاتل أبيه فقتله، ثم انكشف أن القاتل غيره، فإن قتله يكون عمدا موجبا للقصاص.

رابعا: أن تكون الجناية من مكلف -بالغ عاقل- فأما الصبي والمجنون فعمدهما خطأ، وهذا القيد وإن صرح به الزيدية في تعريفهم للقتل العمد، فهو شرط لاستيفاء القصاص بإجماع الفقهاء كما سيأتي.

خامسا: أن تكون الآلة مما يقتل عادة، سواء كانت بمحدد أم بغير محدد، بماشرة أم بسبب ولم يوجد من يتعلق به القتل إلا المسبب، أما إذا كانت بما لا يقتل عادة فإنه يجب أن يقترن بها قصد القتل كما ذكرنا آنفا١.


١ ونورد فيما يلي بعض الصور للجريمة العمدية التي تكشف وتثبت لنا ذلك: جاء في التاج المذهب ج٤، ص٢٨٦-٢٨٨ ما يأتي:
"رمى رجل ببندق قاصدا لإفزاع صبي لقَتْلِه، فمات قتل به، وإن قصد إفزاعه دون قتله، فإن كان يقتل مثلها في العادة فعمد يقتل به وإن لم يقصد القتل، وإن كان لا يقتل في العادة لزمته الدية وتكون على عاقلته، وإن رمى ولم يقصد فلا شيء عليه إن لم يعرف أنه يتولد منها جناية، وإلا ضمن ما تولد منها، وهكذا في كل صيحة تولدت منها جناية على الغير؛ بل يجب القود على من فعل سبب القتل، ولم يوجد من يتعلق به إلا المسبب، وهو الْمُعْرِي لغيره مما يقيه الحر أو البرد من الثياب ونحوها، والحابس له ولم =

<<  <   >  >>