قال شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية:"بعض ما يصححه الترمذي ينازعه غيره فيه، كما قد ينازعونه في بعض ما يضعفه ويحسنه، فقد يضعف حديثًا ويصححه البخاري، كحديث ابن مسعود لما قال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "ابغني أحجارًا أستنفض بهن"؛ قال: فأتيته بحجرين وروثة قال فأخذ الحجرين وترك الروثة وقال: "إنها رجس" ١.
فإن هذا اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي، فجعل الترمذي هذا الاختلاف علة، ورجح روايته له عن أبي عبيدة عن أبيه وهو لم يسمع من أبيه، وأما البخاري فصححه من طريق أخرى لأن أبا إسحاق كان الحديث يكون عنده عن جماعة يرويه عن هذا تارة وعن هذا تارة، كما كان الزهري يروي الحديث تارة عن سعيد بن المسيب، وتارة عن أبي سلمة وتارة يجمعها فمن لا يعرفه فيحدث به تارة عن هذان، وتارة عن هذا يظن بعض الناس أن ذلك غلط وكلاهما صحيح وهذا باب يطول وصفه".
١ في البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين، والتمست الثالث، فلم أجده، فأخذت روثة، فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: "هذا ركس". وأما رواية: "ابغني أحجارًا أستنقض بها" أو نحوه فهي في البخاري من حديث أبي هريرة وكلاهما في كتاب الوضوء.