٤٤- بحث قول الصحابي من السنة كذا وقوله أمرنا بكذا ونهينا عن كذا:
اعلم أن قول الصحابي:"من السنة كذا، أو أمرنا بكذا، أو نهينا عن كذا" وما أشبهه، كله مرفوع على الصحيح الذي قاله الجمهور؛ لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من له الأمر والنهي، ومن يجب اتباع سنته وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واحتمال أن يكون الآمر غيره، وأن يريد سنة غيره بعيد، وإن كنا لا ننكر أن إطلاق ذلك يصدق مع الواسطة، ولكن العادة أن من له رئيس معظم فقال: أمرنا بكذا فإنما يريد أمر رئيسه ولا يفهم عنه إلا ذلك ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو عظيم الصحابة، ومرجعهم والمشار إليه في أقوالهم، وأفعالهم فتصرف إطلاقاتهم إليه وما قيل:"إن الفاعل إذا حذف احتمل النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيره فلا نثبت شرعًا بالشك" فجوابه أن ظاهر الحال صارف للنبي -صلى الله عليه وسلم- كما تقدم تقريره.
وكذلك السنة، أصلها في اللغة: الطريقة، ومنه سنن الطريق الذي يمشى فيه، غير أنها في عُرف الاستعمال صارت موضوعة لطريقته عليه السلام في الشريعة. كذا قاله القرافي في التنقيح، ومما يؤيد أن ذلك في حكم الرفع في السنة ما رواه البخاري في صحيحة في حديث ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه في قصته مع الحجاج حين قال له:"إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة" قال ابن شهاب: "فقلت لسالم: