اعلم أنه قد رخص في سوق الحديث بالمعنى، دون سياقه على اللفظ، جماعة منهم: علي، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو الدرداء، وواثلة بن الأسقع، وأبو هريرة -رضي الله عنهم- ثم جماعة من التابعين يكثر عددهم منهم إمام الأئمة الحسن البصري ثم الشعبي وعمرو بن دينار وإبراهيم النخعي ومجاهد وعكرمة نقل ذلك عنهم في كتب سيرهم بأخبار مختلفة الألفاظ، وقال ابن سيرين:"كنت أسمع الحديث من عشرة، المعنى واحد والألفاظ مختلفة" وكذلك اختلفت ألفاظ الصحابة في رواية الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمنهم من يرويه تاما ومنهم من يأتي بالمعني، ومنهم من يورده مختصرًا وبعضهم يغاير بين اللفظين ويراه واسعا إذا لم يخالف المعنى، وكلهم لا يتعمد الكذب، وجميعهم يقصد الصدق، ومعنى ما سمع فلذلك وسعهم وكانوا يقولون:"إنما الكذب على من تعمده" وقد رُوِيَ عن عمران بن مسلم، قال رجال للحسن: يا أبا سعيد إنما تحدث بالحديث أنت أحسن له سياقا، وأجود تحبيرًا، وأفصح به لسانا منه إذا حدثنا به. فقال:"إذا أصيب المعنى فلا بأس بذلك" وقد قال النضر بن شميل: "كان هشيم لحانا فكسوت لكم حديثه كسوة حسنة -يعني بالإعراب- وكان النضر بن شميل نحويًّا، وكان سفيان يقول: "إذا رأيتم يشدد في ألفاظ الحديث في المجلس، فاعلم أنه يقول: اعرفوني" قال: وجعل رجل يسأل يحيى بن سعيد القطان عن حرف في الحديث على لفظه