للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب السادس: في الإسناد؛ وفيه مباحث

١- فضل الإسناد:

اعلم: أن الإسناد في أصله خصيصة فاضلة لهذه الأمة ليست لغيرها من الأمم.

قال ابن حزم: "نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الاتصال، خص الله به المسلمين، دون سائر الملل وأما مع الإرسال والإعضال فيوجد في كثير من اليهود، ولكن لا يقربون فيه من موسى قربنا من محمد -صلى الله عليه وسلم- بل يقفون بحيث يكون بينهم، وبين موسى أكثر من ثلاثين عصرًا، وإنما يبلغون إلى شمعون ونحوه". قال: "وأما النصارى، فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق فقط، وأما النقل بالطريق المشتملة على كذاب أو مجهول العين فكثير في نقل اليهود، والنصاري" قال: "وأما أقوال الصحابة والتابعين فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلى صاحب نبي أصلًا ولا إلى تابع له، ولا يمكن النصارى أن يصلوا إلى أعلى من شمعون وبولص".

وقال أبو علي الجياني: "خص الله تعالى هذه الأمة بثلاثة أشياء لم يعطها من قبلها: الإسناد والأنساب، والإعراب". ومن أدلة ذلك ما رواه الحاكم وغيره عن مطر الوراق في قوله تعالى {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} ١ قال: "إسناد الحديث". وقال ابن المبارك: "الإسناد من الدين لولا الإسناد لقال من شاء ما يشاء" أخرجه مسلم وقال سفيان بن عيينة: حدث الزهري يومًا بحديث فقلت هاته بلا إسناد؛ فقال الزهري أترقى السطح بلا سلم؟ وقال الثوري: الإسناد سلاح المؤمن. وقال أحمد بن حنبل: طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف لأن أصحاب عبد الله كانوا يرحلون من الكوفة إلى المدينة فيتعلمون من عمر، ويسمعون منه وقال محمد بن أسلم الطوسي قرب الإسناد قرب أو قربة إلى الله تعالى.


١ سورة الأحقاف، الآية: ٤.

<<  <   >  >>