٢٨- بيان أن معرفة الشيء ببرهانه طريقة القرآن الكريم:
قال الأستاذ العلامة مفتي الديار المصرية الشيخ محمد عبده في المقالة أثرت عنه ما صورته:"سعادة الناس في دنياهم، وأخراهم بالكسب والعمل فإن الله خلق الإنسان، وأناط جميع مصالحه ومنافعه بعمله وكسبه والذين حصلوا سعادتهم بدون عمل ولا سعى هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وحدهم لا يشاركهم في هذا أحد من البشر مطلقًا، والكسب مهما تعددت وجوهه فإنها ترجع إلى كسب العلم لأن أعمال الإنسان إنما تصدر عن إرادته وإرادته تنبعث عن آرائه، وآراؤه هي نتائج علمه فالعلم مصدر الأعمال كلها دنيوية وأخروية فكمالا يسعد الناس في الدنيا إلا بأعمالهم كذلك لا يسعدون في الآخرة إلا بأعمالهم، وحيث كان للعلم هذا الشأن فلا شك أن الخطأ فيه خطأ في طريق السير إلى السعادة عائق أو مانع من الوصول إليها فلا جرم أن الناس في أشد الحاجة إلى ما يحفظ من هذا الخطأ، ويسير بالعلم في طريقة القويم حتى يصل السائر إلى الغاية".
ثم قال:"اعتنى العلماء في كل أمة بضبط اللسان، وحفظه من الخطأ في الكلام، ووضعوا لذلك علومًا كثيرة، وما كان للسان هذا الشأن إلا لأنه مجلي للفكر وترجمان له، وآله لإيصال معارفه من ذهن إلى آخر فأجدر بهم أن تكون عنايتهم بضبط الفكرأعظم كما أن اللفظ مجلي الفكر هو غطاؤه أيضًا فإن الإنسان لا يقدر على إخفاء أفكاره إلا بحجاب الكلام الكاذب حتى قال بعضهم إن اللفظ لا يوجد إلا ليخفي الفكر".
ثم كشف الأستاذ النقاب عن حقيقة الفكر الصحيح الذي ينتفع بالميزان، ويكون