١٠- رد الإمام السندي رحمه الله أيضًا على من يقرأ كتب الحديث لا للعمل:
قال العلامة الفلاني في:"إيقاظ الهمم": "لو تتبع الإنسان من النقول لوجد أكثر مما ذكر، ودلائل العمل على الخبر أكثر من أن تذكر، وأشهر من أن تشهر لكن لبس إبليس على كثير من البشر فحسن لهم الأخذ بالرأي لا الأثر وأوهمهم أن هذا هو الأولى والأخير، فجعلهم بسبب ذلك محرومين عن العمل بحديث خير البشر -صلى الله عليه وسلم- وهذه البلية من البلايا الكبر، إنا لله وإنا إليه راجعون، ومن أعجب العجائب أنهم إذا بلغهم من بعض الصحابة -رضي الله عنهم- ما يخالف الصحيح من الخبر، ولم يجدوا له محملًا جوزوا عدم بلوغ الحديث إليه، ولم يثقل ذلك عليهم، وهذا هو الصواب وإذا بلغهم حديث يخالف قول من يقلدونه اجتهدوا في تأويله القريب والبعيد وسعوا في محامله النائية والدانية وربما حرفوا الكلم عن مواضعها، وإذا قيل لهم عند عدم وجود المحامل المعتبرة لعل من تقلدونه لم يبلغه الخبر أقاموا على القائل القيامة، وشنعوا عليه أشد الشناعة، وربما جعلوه من أهل البشاعة، وثقل ذلك عليهم فانظر أيها العاقل إلى هؤلاء المساكين يجوزون عدم بلوغ الحديث في حق أبي بكر الصديق الأكبر، وأحزابه ولا يجوزون ذلك في أرباب المذاهب مع أن البون بين الفريقين كما بين السماء والأرض، وتراهم يقرءون كتب الحديث ويطالعونها ويدرسونها لا ليعملوا بها بل ليعلموا دلائل من قلدوه، وتأويل ما خالف قوله ويبالغون في المحامل البعيدة، وإذا عجزوا عن المحمل قالوا من قلدنا أعلم منا بالحديث ألا يعلمون أنهم يقيمون حجة الله تعالى عليهم بذلك، ولا يستوي العالم والجاهل في ترك العمل بالحجة وإذا مر عليهم حديث يوافق قول من قلدوه انبسطوا وإذا مر عليهم حديث يخالف قوله أو يوافق مذهب غيره ربما انقبضوا ولم يسمعوا قول الله١:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} انتهى كلام السندي رحمه الله تعالى.