أو أحدهما أو كتاب من السنن موثوق به هل له أن يفتي بما فيه.
قال المسند الجليل علم الدين الفلاني في:"إيقاظ الهمم": "قال الإمام ابن القيم: إذا كان عند الرجل الصحيحان أو أحدهما، أو كتاب من سنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موثوق بما فيه فهل له أن يفتي بما يجده فيه فقالت طائفة من المتأخرين ليس "له" ذلك لأنه قد يكون منسوخًا أو له معارض أو يفهم من دلالته خلاف ما دل عليه، أو يكون أمر ندب فيفهم منه الإيجاب، أو يكون عاما له مخصص أو مطلقا له مقيد، فلا يجوز له العمل به ولا الفتيا حتى يسأل أهل الفقه والفتيا، وقالت طائفة: بل له أن يعمل به ويفتي بل متعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحدث به بعضهم بعضا بادروا إلى العمل به، من غير توقف، ولا بحث عن معارض، ولا يقول أحد منهم قط هل عمل بهذا فلان وفلان ولو رأوا ذلك لأنكروا عليه أشد الإنكار، وكذلك التابعون وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القوم وسيرتهم وطول العهد بالسنة وبعد الزمان، ولو كانت سنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان وفلان لكان قول فلان وفلان عيارًا على السنن ومزكيا لها وشرطا في العمل بها، وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله الحجة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- دون آحاد الأمة، وقد أمر النبي بتبليغ سننه ودعا لمن بلغها فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الإمام فلان والإمام فلان لم يكن في تبليغها فائدة وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان.
قالوا: والنسخ الواقع الذي أجمعت عليه الأمة لا يبلغ عشرة أحاديث البتة، بل ولا شطرها فتقدير وقوع الخطأ في الذهاب إلى المنسوخ أقل بكثير في وقوع الخطأ من تقليد من يصيب ويخطئ، ويجوز عليه التناقض والاختلاف ويقول القول ويرجع عنه ويحكي