للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا من الخطر أو تشتت الأفكار، ولو جزءًا يسيرًا مما في طريقة الترجيح والتخريج عند الفقهاء الآن على أصول أي مذهب من المذاهب الأربعة ويكفي ما في هذه الطريقة من تشتت الأفكار خلاف الخرجين والمرجحين في المسألة الواحدة خلافًا لا ينتهي إلى غاية يرتاح إليها ضمير مستفيد لقذفهم بفكره في تيار تتلاطم أمواجه بين قولهم المتعمد والمعول عليه كذا والصحيح كذا والأصح كذا ... والمفتي به كذا إلى غير ذلك من الخلاف العظيم في كل مسألة لم ينص عليها الإمام نصًّا صريحًا، ولا يخفى ما في هذا من الافتئات على الدين مما لا يعد شيئًا في جانبه خلاف الأئمة المجتهدين، ومنشؤه التقيد بالتقليد البحت وعدم الرجوع إلى الكتاب والسنة، ولو عند تعذر وجود النص، ومع هذا فإنهم يرون هذا الافتئات على الدين من الدين، ويوجبون على المؤمن العمل بأقوالهم بلا حجة تقوم لهم ولا له يوم الدين مع أن الله تعالى يقول في كتابه العزيز١: {هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} الآية وفي هذا دليل على فساد التقليد، وأن لا بد في الدين من حجة ثابتة لهذا كان التقليد البحت لا يرضاه لنفسه إلا عامي أعمى، أو عالم لم يصل إلى مرتبة كبار الفضلاء المتقدمين والمتأخرين الذين لم يرضوا لأنفسهم التقليد البحت كالإمام الغزالي وابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيميه والإمام السيوطي، والشوكاني وغيرهم ممن اشتهر بالاجتهاد من أئمة المذاهب" انتهى بحروفه.


١ سورة الكهف، الآية: ١٥.

<<  <   >  >>