للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال له يحيى: يا هذا ليس في الدنيا أجل من كتاب الله تعالى، قد رخص للقراءة فيه بالكلمة على سبعة أحرف فلا تشدد!.

وفي شرح التقريب١ للحافظ السيوطي في النوع السادس والعشرين، في الفرع الرابع منه، ما نصه مع بعض اختصار: "إن لم يكن الراوي عالما بالألفاظ، خبيرًا بما يحيل معانيها لم تجز له الرواية، لما سمعه بالمعنى بلا خلاف، بل يتعين اللفظ الذي سمعه فإن كان عالمًا بذلك فقالت طائفة من أهل الحديث والفقه والأصول: لا يجوز إلا بلفظه، وإليه ذهب ابن سيرين وثعلب وأبو بكر الرازي من الحنفية، ورُوِيَ عن ابن عمر وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف، منهم الأئمة الأربعة: يجوز بالمعنى في جميع ذلك إذا قطع بأداء المعنى؛ لأن ذلك هو الذي يشهد به أحوال الصحابة والسلف، ويدل عليه رواياتهم اللفظة الواحدة بألفاظ مختلفة، وقد ورد في المسألة حديث مرفوع رواه ابن منده في: "معرفة الصحابة" والطبراني في: "الكبيرة" من حديث عبد الله بن سليمان بن أكثم الليثي قال: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إني إذا سمعت منك الحديث لا أستطيع أن أرويه كما أسمع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفًا فقال: "إذا لم تحلوا حرامًا ولم تحرموا حلالًا وأصبتم المعنى فلا بأس" فذكرت ذلك للحسن فقال: "لولا هذا ما حدثنا! " وقد استدل الشافعي لذلك بحديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" ٢. وروى البيهقي عن مكحول قال: دخلت أنا وأبو الأزهر على وأثلة بن الأسقع فقلنا له: "حدثنا بحديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس فيه وهم ولا تزيد ولا نسيان! " فقال: "هل قرأ أحد منكم من القرآن شيئا فقلنا: نعم وما نحن بحافظين له جدًّا إنا نريد الواو والألف وننقص فقال: فهذا القرآن مكتوب بين أظهركم لا تألونه حفظا، وإنكم تزعمون أنكم تزيدون وتنقصون، فكيف بأحاديث سمعناها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عسى أن لا يكون سمعنا لها منه إلا مرة واحدة؟ حسبكم إذا حدثنا كم بالحديث على المعنى".


١ ص٦١.
٢ أخرجه الشيخان وأحمد والترمذي وغيرهم من حديث أبي وغيره.

<<  <   >  >>