للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- مقالة في الأحاديث الموضوعة في فضيلة رجب:

نبه بعض الفضلاء ذلك في مقالة نشرها في مجلة نصحًا لخطباء المنابر المغفلين، وللوعاظ والقصاص البله فقال ما نصه: "كم اختلق الكذابون على النبي -صلى الله عليه وسلم- وكم وضعوا الأباطيل والمناكير، وركبوا الأسانيد الملفقة، وأسهبوا وأطنبوا، وبالغوا في التحذير والترهيب، وشددوا، وسهلوا على حسب ما تسول لهم أنفسهم، ولم يخشوا خالقا يعلم سرهم وعلانيتهم، فيجازيهم بمقاعد في النار يتبوءونها جزاء افترائهم واختلاقهم وتجرئهم على وضع الأحاديث التي: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان} وقد قال الحافظ سهل بن السري: "قد وضع أحمد بن عبد الله الجوربياري، ومحمد بن عكاشة الكرماني، ومحمد بن تميم الفريابي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر من عشرة آلاف حديث. وقال حماد بن زيد: "وضعت الزنادقة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعة آلاف حديث". وقال بعضهم: "سمعت ابن مهدي يقول لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث، من قرأ كذا فله كذا ومن صام كذا فله كذا؟ قال: وضعتها أرغب الناس فيها!! " وقيل لأبي عصمة بن أبي مريم المروزي: "من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة، سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة، ومغازي ابن إسحاق، فوضعت هذا الحديث حسبة!! " ومما يوجب الأسف أن يرى الإنسان تلك الموضوعات، والمناكير، والأباطيل قد انتشرت في الكتب انتشارًا زائدًا، ورواها الخلف عن السلف وشحنت بها كتب الوعظ، والإرشاد ودواوين الخطباء حتى إنك لا تطالع ديوانًا من الدواوين المتداولة بين خطبائنا إلا وترى فيه من فظائع الأكاذيب على نبينا عليه الصلاة والسلام ما يستوجب العجب وما ذاك إلا لذهاب علماء الحديث ودخولهم في خبر كان وعدم اعتناء أهل عصرنا به.

ومن افظع هذه الأباطيل، الأحاديث التي تروى في فضيلة رجب وصيامه، فأغلب الدواوين نراها مشحونة بها. ونحن نأتي بتلك الأباطيل التي اختلقها الوضاعون، ليحذرها

<<  <   >  >>